هل تصبح المنصة التعليمية الرقمية الجديدة بوابة سوريَة نحو عدالة التعليم والتحول الرقمي؟

هل تصبح المنصة التعليمية الرقمية الجديدة بوابة سوريَة نحو عدالة التعليم والتحول الرقمي؟
هل تصبح المنصة التعليمية الرقمية الجديدة بوابة سوريَة نحو عدالة التعليم والتحول الرقمي؟

في سياق الجهود الوطنية لإعادة إعمار سوريَة وبناء مستقبلها، يشهد القطاع التربوي تحولًا إستراتيجيًا يعكس رؤية طموحة لتطوير العملية التعليمية، فبعد سنوات من التحديات، تبرز الحاجة الماسة إلى نموذج تعليمي مبتكر يتخطى الحدود الجغرافية والزمانية، ويحقق العدالة التعليمية لكل طفل سوري.

وفي هذا الإطار، عقد أحمد الحسن، معاون وزير التربية للشؤون التعليمية، منذ أيام، اجتماعًا مع المديرين التعليميين في المحافظات، إذ نوقش مشروع إنشاء منصة رقمية تعليمية متكاملة تهدف إلى إتاحة المحتوى الدراسي لكل الطلاب بيسر، وبصورة تفاعلية حديثة تعالج التحديات التي تواجه البيئة التعليمية التقليدية.

وستعتمد فلسفة المنصة عند إطلاقها على مبدأ (تعليم للجميع)، بحيث يحصل الطالب الذي في أقصى الريف كما يحصل نظيره الذي في قلب المدينة على محتوى تعليمي موحد عالي الجودة، وهذا يعني تجاوز كل العقبات الجغرافية والاقتصادية واللوجستية التي حالت دون انتظام الدراسة لآلاف الطلاب خلال السنوات الماضية.

بناء نظام تعليمي موحد ومتفاعل:

سوف تقوم المنصة التعليمية الرقمية الجديدة على برنامج موحد يشمل جميع الصفوف والمراحل الدراسية، مقدمة المادة العلمية بشكل منسق ومتكامل، ولكن الإضافة الجوهرية تكمن في البعد التفاعلي، فالمشروع يركز على تطوير أسلوب تعامل الطالب مع المادة الدراسية، من خلال شروحات متعددة الوسائط، وتمارين تفاعلية، ونظام متقدم للاختبارات يوفر تغذية راجعة فورية.

وهذه الآلية لا تساعد الطالب على فهم نقاط ضعفه فحسب، بل تمكن المعلم من تتبع التقدم العلمي لكل طالب بدقة غير مسبوقة. ولم يغب دور المعلم عن هذا المشروع، بل أُدمج في صلب التطوير، فستوفر المنصة أدوات دعم للمعلم، من خلال تحديد أهداف واضحة لكل درس، وتوحيد مقاييس التقييم، وتوفير دليل زمني يسهل تنظيم خطة توزيع المنهاج، مما يضمن اتساق العملية التعليمية في جميع أنحاء سوريَة.

الكتاب التفاعلي.. نواة أولى للتحول الرقمي:

يأتي هذا المشروع الضخم امتدادًا وتطويرًا لجهود سابقة بدأها المركز الوطني لتطوير المناهج التربوية، كان أبرزها إطلاق مشروع “الكتاب التفاعلي” الرقمي في شهر أكتوبر الماضي، الذي يهدف إلى تنمية مهارات التفكير العليا للطلاب السوريين داخل البلاد وخارجها، وأتاح لأي طفل في العالم الوصول إلى المنهاج السوري عبر الإنترنت.

هذا الإطلاق، الذي حظي بحضور وزاريٍّ رفيع، يُشكل الخطوة العملية الأولى في رحلة التحول الرقمي للتعليم في سوريَة، وقد أكد معالي وزير التربية والتعليم السوري، محمد عبد الرحمن تركو، أن الإطلاق يحقق نقطتين أساسيتين هما: حق الطفل في الوصول إلى التعليم، وحقه في الحصول على تعليم نوعي.

كما أشار معاليه إلى أن الوزارة تعمل على تطوير المنصة بإضافة مختبرات افتراضية للعلوم والكيمياء والرياضيات، والتخطيط لإصدارات متطورة تتكامل مع مختبرات افتراضية ثلاثية الأبعاد.

نحو مستقبل أكثر إشراقًا:

تتوقع وزارة التربية أن تحقق المنصة التعليمية الرقمية الجديدة نتائج بعيدة المدى، يكون أثرها المباشر على الطالب، والمعلم، والمؤسسة التعليمية كلها. ومن أبرز هذه النتائج:

  • رفع مستوى التحصيل العلمي: من خلال تقديم المادة بأساليب تفاعلية متعددة تناسب مختلف أنماط التعلم.
  • تحقيق العدالة التعليمية: وذلك عبر الوصول إلى أكثر الفئات تهميشًا، ومن ذلك النازحون وأبناء المناطق النائية.
  • تقليل الفجوة التعليمية: التي نتجت عن سنوات من الانقطاع والتنقل بين المدارس أو بين البلاد.
  • تعزيز كفاءة المعلم: وتوحيد أدواته التقييمية، مما يرفع من جودة المخرجات التعليمية.
  • بناء قاعدة معرفية رقمية: قابلة للتطوير المستمر، لتشمل محتوى إثرائيًا وأنشطة لا صفية تدعم التعلم الذاتي.

التحديات وطريق النجاح:

لا يخفى على معاون الوزير، أحمد الحسن، أن نجاح هذا المشروع العملاق ليس مضمونًا بنسبة 100%، فهو “يتطلب جهدًا تكامليًا من جميع الأطراف”، بدءًا من الإدارات المدرسية والمعلمين، ووصولًا إلى الأسرة التي عليها أن تدرك أهمية هذا التحول وتدعم أبناءها في التعامل معه.

وفي هذه الأثناء، تعمل الوزارة على توفير البنية التحتية اللازمة من أجهزة واتصالات، بالإضافة إلى تدريب مكثف للمعلمين والإداريين، وحملات تعريفية للأهالي لشرح آلية استخدام المنصة والاستفادة القصوى من مواردها.

هل ستصبح المنصة فعلًا بوابة نحو مستقبل تعليمي عادل ورقمي؟

يمكن القول إن المنصة التعليمية الرقمية الجديدة تمثل بالفعل بوابة سوريةً واعدة نحو تحقيق عدالة التعليم وتسريع التحول الرقمي، إذا ما جرى تبنّيها ضمن رؤية وطنية شاملة تراعي تحديات البنية التحتية والتمويل والتأهيل البشري.

ففي بلد يسعى إلى إعادة بناء قطاعه التربوي بعد سنوات من التحديات، تُتيح هذه المنصة فرصة فريدة لردم الفجوة التعليمية بين المناطق، وتمكين الطلبة والمعلمين من الوصول إلى موارد تعليمية موحدة وعادلة، بغض النظر عن الموقع الجغرافي أو الظروف الاقتصادية.

كما أن هذه المبادرة، في جوهرها، تتجاوز فكرة التعليم من بُعد إلى بناء منظومة رقمية متكاملة تمكّن الدولة من إدارة البيانات التعليمية بكفاءة، وقياس الأداء، وتحسين جودة المحتوى، بما ينسجم مع توجهات التحول الرقمي الشامل في سوريَة.

ومن ثم، فإن نجاح المنصة لن يكون تقنيًا فقط، بل اجتماعيًا وتنمويًا أيضًا، إذ يمكن أن تشكّل نقطة تحول في طريق تحقيق المساواة في فرص التعلم وبناء جيل رقمي قادر على قيادة مستقبل الاقتصاد المعرفي في سوريَة.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط

المصدر: البوابة العربية للأخبار التقنية

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق بين البنية التحتية والانفتاح الاستثماري.. كيف ترسم سوريَة خريطة تحولها الرقمي؟