يشهد الأمن السيبراني في دولة الإمارات العربية المتحدة تحولًا نوعيًا يقوده الذكاء الاصطناعي ويغذّيه الإبداع الشبابي، وهو ما تجلى بوضوح في مهرجان الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني (AICyberFest 2025)، الذي اختتم فعالياته ضمن معرض (جيتكس جلوبال 2025)، تحت رعاية مجلس الأمن السيبراني لدولة الإمارات.
ولم يكن الحدث، الذي جمع العقول الشابة والخبراء والشركات التقنية العالمية، مجرد منافسة أكاديمية، بل كان تجسيدًا حيًا لرؤية الإمارات في بناء منظومة سيبرانية متكاملة يقودها الذكاء الاصطناعي.
هندسة الحلول الدفاعية بالذكاء الاصطناعي:
يؤكد المهرجان الانتقال المتسارع من مفاهيم الأمن التقليدي إلى الأمن الذكي، إذ أصبح الذكاء الاصطناعي جزءًا لا يتجزأ من أنظمة الكشف المبكر عن الهجمات، وتحليل السلوكيات، والاستجابة الذاتية للتهديدات.
وقد ركزت المسابقة الوطنية في (مهرجان الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني) على تحويل التحديات السيبرانية المعقدة إلى مشاريع تطبيقية تستخدم قوة الذكاء الاصطناعي، وتنافس فيها أكثر من 80 طالبًا من 17 جامعة من مختلف أنحاء الدولة، في مسارين تقنيين رئيسيين، وهما:
- الذكاء الاصطناعي في المراجعة والتدقيق والامتثال (AI for Compliance & Audit Review): يعالج هذا المسار تحديات الحوكمة والامتثال المتزايدة، إذ يهدف إلى أتمتة عمليات التدقيق المعقدة باستخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي لضمان التزام المؤسسات باللوائح التنظيمية بكفاءة وسرعة فائقة.
- محلل أمن المعلومات المدعوم بالذكاء الاصطناعي (AI-Powered SIEM Analyst): يهدف هذا المسار إلى رفع كفاءة أنظمة إدارة معلومات وفعاليات الأمن، إذ قام الطلاب بهندسة حلول تستخدم نماذج التعلم الآلي لتنقية الكم الضخم من التنبيهات الأمنية، والتمييز بين التهديدات الحقيقية والإنذارات الكاذبة، مما يُسرّع من زمن الاستجابة للحوادث السيبرانية.
ويعكس هذان المساران بوضوح توجهات الجيل الخامس من الأمن السيبراني، الذي يعتمد على الأتمتة الذكية وتحليل البيانات التنبئي لتعزيز مرونة الأنظمة وحماية البنية التحتية الوطنية.
المواهب الشابة هي خط الدفاع الأول في عصر الذكاء الاصطناعي
أشاد سعادة الدكتور محمد الكويتي، رئيس الأمن السيبراني لحكومة دولة الإمارات، بالتقدم الذي أحرزه المشاركون، مؤكدًا أهمية مساهماتهم في مواجهة التهديدات المتطورة.
وقال سعادته: “في ظل تطور التهديدات وظهور التقنيات الحديثة، تُشكّل مساهماتكم خط الدفاع الأساسي الذي نعتمد عليه. نحن نُقدّر التزامكم وجهودكم، ونتطلع إلى تحقيق المزيد من النجاحات معًا في المستقبل”.
ويأتي هذا التركيز الحكومي على تمكين الكوادر الوطنية مدعومًا بثناء نوعي ومباشر من القطاع الخاص. فقد أشار أحمد الزرعوني، الرئيس التنفيذي لشركة تيك-فيرم (TechFirm LLC) ومؤسس فعالية AICyberFest، إلى الجودة الاستثنائية للمشاريع المقدمة، التي تتجلى بدءًا من المفهوم النظري ووصولًا إلى التنفيذ العملي الدقيق.
ويؤكد هذا المستوى المتقدم، بحسب الزرعوني، وجود فكر ريادي متطور في الإمارات قادر على صياغة وقيادة ابتكارات الجيل القادم.
النتائج.. شباب الإمارات في الصدارة:
شهدت المسابقة منافسة حماسية بين أكثر من 80 طالبًا من 17 جامعة إماراتية، وقد أُعلنت الفرق الفائزة في ختام المهرجان ، وهي:
- المركز الأول: فريق (No Time) جامعة 42 أبوظبي، ويضم الفريق كل من حمد كانباري، وهيثم بن جاب الله، ومحمد عثمان غانيف.
- المركز الثاني: فريق (Zenith) من جامعة أبوظبي، ويضم الفريق كل من وردة جميل، ومعاذ حافظ أحمد معاذ، وبلال بشير.
- المركز الثالث: فريق (Unity) جامعة هيريوت-وات، ويضم الفريق كل من ديمتري زادورين، وستانيسلاف ميركولوف، ةفيدور غالكين.
يمثل هؤلاء الفائزون جيلًا جديدًا من مهندسي الأمن السيبراني، الذين يجمعون بين الكفاءة التقنية والرؤية التحليلية، وذلك في وقت أصبحت فيه الهجمات الرقمية مدفوعة بأنظمة ذكاء اصطناعي هجومية معقدة.
(تيك-فيرم) تقود مهرجان الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني:
نظمت هذه الفعالية شركة (تيك-فيرم) TechFirm LLC، وهي شركة تقنية إماراتية متخصصة في حلول الأمن السيبراني المدعومة بالذكاء الاصطناعي، بالتعاون مع مجموعة من أبرز الشركاء في القطاع التقني.
فقد شاركت (AMD) كشريك صناعي رئيسي بخبرتها في الحوسبة العالية الأداء، التي تُعدّ العصب المحرك لتطبيقات الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى شركاء أمن سيبراني متخصصين مثل: كاسبرسكي، و Aruba، و Check Point. بالإضافة إلى نخبة من الشركات العالمية والإقيلمية، مثل: شركة (كيرنو) KERNO، وهونر، و Circularo، و Ras Infotech، وغيرها.
وقد رسخ مهرجان (مهرجان الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني) AICyberFest، مكانته كمنصة رائدة تجمع القطاع الأكاديمي والصناعي والتقني، لتمكين الشباب الإماراتي من قيادة موجة الابتكار المقبلة في مجال الأمن السيبراني، وتجهيزهم للدفاع عن الفضاء الرقمي للدولة.
الإمارات.. من مُتلقي للتقنية إلى مُصدّر للخبرة:
تؤكد نتائج (مهرجان الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني) AICyberFest، أن الإمارات لم تَعد مجرد مستهلك للتقنيات الأمنية، بل أصبحت مصدرًا للابتكار والتطوير. فمن خلال التزامها بتمكين المواهب المحلية، وبناء منصات متقدمة، تسير الدولة بخطوات ثابتة نحو توطين تقنيات الأمن السيبراني، مؤهلة نفسها لتكون قوة دافعة قادرة على تصدير خبراتها وإبداعاتها إقليميًا وعالميًا.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط
المصدر: البوابة العربية للأخبار التقنية