كتب محمد دهشة في “نداء الوطن”:
أكّدت مصادر فلسطينية لـ «نداء الوطن» أن القيادة الفلسطينية اتخذت قرارًا حاسمًا وجريئًا يقضي بمحاربة آفة المخدّرات في كل المخيّمات الفلسطينية في لبنان، بدءًا بمخيّم شاتيلا، وذلك عقب مقتل الشاب اللبناني إيليو أبو حنا، وكلّفت قوات الأمن الوطني الفلسطيني تنفيذ هذه المهمة مهما كانت التحدّيات والعقبات.
وفقًا للمصادر، وصل قائد قوات الأمن الوطني الفلسطيني اللواء بحري العبد إبراهيم خليل إلى لبنان قبل يومين في زيارة مفاجئة لمتابعة تنفيذ القرار ميدانيًا. وعقدت فور وصوله سلسلة اجتماعات مع كبار الضباط العسكريين، قبل أن يقوم بجولة ميدانية في مخيّم شاتيلا لتفقد الأوضاع الأمنية والاطّلاع على مراحل التنفيذ والتدابير المتخذة.
وأوضحت مصادر فتحاوية لـ «نداء الوطن» أن القرار لا يقتصر على ملاحقة المروّجين وإقفال أوكار المخدّرات فحسب، بل يشمل أيضًا التعاون الكامل مع الجهات اللبنانية المختصة في التحقيقات المتعلّقة بحادث مقتل الشاب إيليو أبو حنا وامرأة أخرى، وقد سلّمت القيادة سبعة أشخاص إلى السلطات اللبنانية للتحقيق معهم.
أضافت المصادر أن هذا الموقف يعكس رغبة القيادة الفلسطينية الرسمية في تعزيز التعاون مع الدولة اللبنانية وأجهزتها الأمنية والعسكرية بما يصون أمن المخيّمات الفلسطينية واستقرارها، ويمهّد لمرحلة جديدة من الثقة والتنسيق، خاصة بعد مبادرة حركة «فتح» إلى تسليم سلاحها الثقيل والمتوسّط في إطار خطة الدولة اللبنانية لحصر السلاح بيدها.
ويعاني بعض المخيّمات الفلسطينية في لبنان من انتشار آفة المخدّرات، ارتباطًا بالواقع المأسوي الذي يرزح تحته أبناؤها، نتيجة الفقر المدقع، والبؤس، واليأس، والإحباط، الناجم عن البطالة والحرمان من الحقوق المدنية والاجتماعية والإنسانية وفرص العمل، ناهيك بغياب الأمن الحازم وتطبيق العقاب.
خلال جولته في مخيّم شاتيلا، أكّد اللواء خليل أن قوات الأمن الوطني الفلسطيني ستبقى على أعلى درجات الجهوزية والانضباط، وستواصل أداء واجبها الوطني والإنساني في خدمة أبناء الشعب الفلسطيني والحفاظ على الأمن والاستقرار داخل المخيّمات، بما يعكس الصورة المشرّفة لشعبنا وقضيتنا العادلة.
وتجمّعت القوى والفصائل الفلسطينية بمختلف توجّهاتها على دعم هذا القرار، معتبرة أن محاربة المخدّرات في المخيّمات مسؤولية وطنية وأخلاقية. وقد بعثت رسائل دعم ومساندة لقوات الأمن الوطني الفلسطيني في تصدّيها لهذه الآفة الدخيلة، مشدّدة على أهمية استمرار التعاون لحماية المجتمع والحفاظ على نسيجه الاجتماعيّ.
فيما انعكست الحملة الأمنية في شاتيلا ارتياحًا سياسيًا وشعبيًا واسعًا، حيث أشاد الأهالي بالقرار الشجاع والخطوة الجبارة التي أعادت الأمل إلى المخيّم، بعدما تحوّل في الفترة الماضية إلى ما يشبه «الباطنية» في مشهد الترويج والتعاطي.
وأعلنت قيادة فصائل منظمة التحرير الفلسطينية دعمها الكامل وتأييدها المطلق الخطوات المسؤولة التي اتخذتها قوات الأمن الوطني الفلسطيني، بتوجيهات مباشرة من اللواء بحري خليل، في سبيل اجتثاث ظاهرة المخدّرات وملاحقة المروّجين والمشبوهين.
وطالبت المؤسّسة الفلسطينية لحقوق الإنسان بتشكيل لجنة فلسطينية – لبنانية مشتركة لمتابعة ملف مكافحة المخدّرات داخل المخيّمات، وبضمان التنسيق مع القوى الأمنية اللبنانية ضمن إطار يحفظ السيادة ويحمي حقوق اللاجئين الفلسطينيين. كما شدّدت على ضرورة إطلاق حملة توعية مجتمعية وحقوقية في المدارس والمراكز الاجتماعية لمواجهة هذه الآفة بمشاركة مؤسّسات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية.
وبين القرار والتنفيذ والدعم الشعبي، يأمل الفلسطينيون أن يشكّل ما جرى في مخيّم شاتيلا نموذجًا وطنيًا يُحتذى به في ضبط الأمن ومواجهة الآفات الاجتماعية التي تهدّد المجتمع، مؤكّدين أهمية تعميم هذه التجربة على سائر المخيّمات الفلسطينية في لبنان حفاظًا على كرامة وأمن اللاجئين.




