أحيا مجلس قضاء زحلة الثقافي ذكرى أعضائه الراقدين بقداس احتفل به رئيس أساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك المطران ابراهيم مخايل إبراهيم الذي قال في عظة بعد الانجيل: “في هذا الإنجيل، يضعنا الربّ يسوع أمام صورة صادمة، ليست أسطورة، ولا رواية للتسلية، بل مرآة حقيقية لحياتنا. رجلٌ غني يلبس الأرجوان والكتان، يعيش كل يوم بالترف والولائم، ولعازر الفقير مطروح عند بابه، مغطّى بالقروح، يشتاق إلى الفتات الساقط من مائدة الغني، لا يجد من يرحمه ولا من يلتفت إليه، حتى الكلاب كانت أكثر رحمة من البشر”.
وأضاف: “لم يقل الكتاب إن الغني كان شريراً أو قاتلاً أو خبيثاً. لم يقل إنه سرق أو ظلم. يكفي أنه أغلق قلبه. يكفي أنه عاش لنفسه فقط. كان لعازر عند بابه، أقرب ممّا يظن، لكن العين التي تعوّدت على اللامبالاة لم تعد ترى، والقلب الذي تعوّد على الراحة لم يعد يشعر، واليد التي تعوّدت على الأخذ لم تعد تعرف العطاء. الخطيئة التي أدانت الغني لم تكن الترف بحدّ ذاته، بل الترف الذي يصنع جداراً بين الإنسان وأخيه، بين القلب والصراخ الذي يعلو على أبوابنا كل يوم. مات الغني، ومات لعازر. مات الجسد، وبقيت الحقيقة. لعازر حملته الملائكة إلى حضن إبراهيم، والغني وجد نفسه في العذاب، يصرخ، يطلب فقط نقطة ماء على لسانه. كم هو مخيف أن يصبح الإنسان الذي لم يرحم متوسّلاً للرحمة! وكم هو مؤلم أن يبكي الإنسان بعد فوات الوقت، حين لا يعود الندم طريقاً إلى الخلاص”.
وتابع: “أيّها الأحبّة، لم يحتج لعازر إلى ثروة لينال الملكوت. لم يحتج إلى مركز، ولا إلى ممتلكات. كان قلبه كلّ ما يملكه، والله رآه. والله يسمع أنين الفقراء مهما صمت العالم عنهم. أما الغني الذي كان معروفاً على الأرض، أصبح بلا اسم في الأبدية. الوحيد الذي ذكر الكتاب اسمه هو الفقير، وكأن الربّ يقول لنا: في السماء ليس للثروة صوت، بل للقلوب المتواضعة. هذه ليست قصّة عن الأغنياء والفقراء فقط. هذه قصّة عن الفرصة. عن القلب. عن الزمن. عن الباب المفتوح الذي سيُغلق يوماً ما. يسوع لا يهدّدنا، بل يصرخ من أجل خلاصنا: الآن وقت الرحمة، الآن وقت الإصغاء، الآن وقت المحبة. ما نزرعه في الأرض سنحصده في الأبدية. من يعطي رحمة، سيجد رحمة. من يبني حياته على الحب، يكتشف أن السماء كانت أقرب ممّا ظنّ. قد يكون لعازر في بيتك، أو في عائلتك، أو أمام باب كنيستك، أو في حيّك، أو في صمت شخص يشعر أنه منسي. وقد يكون لعازر داخل قلبك أنت: جرح، ألم، حزن، عطش إلى كلمة محبة. فلنطلب من الرب أن يحمينا من قلب متحجّر، ومن حياة لا ترى إلا ذاتها. أن يجعلنا أبواب رحمة مفتوحة، وقلوباً تشبه قلبه. لأن الفقراء هم طريقنا إلى السماء، والرحمة هي الجسر الوحيد الذي يعبر بنا إلى حضنه الأبدي. طوبى لمن يجعل من حياته مجداً للرب، لأن ساعة تأتي حيث لا يبقى إلا ما قدّمناه حباً”.
وختم: “أودّ ان أرحّب بالرئيسة الجديدة لمجلس قضاء زحلة الثقافي كريستين زعتر معلوف، كما أرحب بسائر الأعضاء متمنياً لهم جميعاً متابعة نشاطهم الثقافي المميز الذي يضع زحلة والقضاء في قلب الحركة الثقافية اللبنانية المقيمة والمنتشرة في اصقاع الأرض، طالباً الرحمة للذين سبقونا من الأعضاء ومتمنياً طول العمر للأحياء الذين يملأون جعبنا بالغلال الثقافية الشهية والمفيدة. بارك الله بكم ومنحكم القوة والصحة والفرح. آمين”.




