اعتبر وزير العدل عادل نصّار أن “الحرب ليست الهدف بحد ذاته، فلا يمكن لأي مسؤول طرح على شعبه أن يعيش في بلد مشروعه الدائم الحرب”، مشيرًا إلى أن “المفاوضات تكون مع العدوّ وليس مع الصديق، أما بالنسبة للشروط والأساليب فتحدد من دون إعلام الجمهور والكشف عن عناصر القوة والضعف، فلا يمكننا إعطاء العدوّ معلومات عن مقاربتنا لموضوع التفاوض”.
وأضاف نصّار، في حديث لإذاعة “صوت لبنان”، إلى أن “لا مصلحة للبنان في أن يستمرّ في حالة حرب مستدامة، فلا دولة في العالم استمرّت في حرب مستدامة، إنما تنتهي الحرب حين تنجح أو تفشل في تحقيق الأهداف”.
وفي ما يتعلّق بطريقة حصول المفاوضات، قال: “إن كان المفاوض لا يملك القدرة والصلاحية في الإلتزام يكون الموقع التفاوضي ضعيف، بالتالي، من أجل أن تكون الدولة اللبنانية قوية في التفاوض، من الضروري جدّا أن تكون كاملة الأوصاف، بمعنى أنها قادرة على الإلتزام وأخذ وتلقي التعهدات من الطرف الآخر، وبالتالي، موضوع وجود سلاح غير شرعي يضعّف الموقع التفاوضي للدولة اللبنانية”.
كما أشار إلى أن “السلاح لا يسمح لنا تقوية موقعنا التفاوضي لأنّه ليس في يد المتفاوض بل هو يضعف موقف الدولة اللبنانية بالتفاوض ومن أجل تقوية موقع الدولة في التفاوض وأخذ إلتزامات دولية ومواجهة اسرائيل لوقف الأعمال الحربية من واجب الجميع وأولهم حزب الله الإلتزام بحصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية فقط”.
وتابع: “علينا جميعًا اختيار مشروع الدولة والتأكيد على أن الدولة اللبنانية هي حاضنة للجميع وليست فئة ضد أخرى وأن يقتنع حزب الله أن سلاحه اليوم هو سبب ضعف الدولة في مواجهة إسرائيل، وليس مصدر قوّة”.
كذلك، لفت نصّار إلى أنه “خلافًا لما يعتقده البعض فإن الجيش اللبناني يقوم بعملية حصر السلاح وهي مستمرّة والجيش يبذل جهودًا كبيرة من أجل الإسراع في موضوع حصرية السلاح والكلام المسموع في السياسة مختلف عن الواقع على الأرض، وكنا نتمنّى على حزب الله التعاون وتسهيل هذه العملية، وأن يصرّح بأنه مع بناء الدولة، ويريد تقوية موقعها التفاوضي من خلال إعلانه بأن هذا السلاح أصبح دوره محصورًا بيد الدولة اللبنانية”.
وذكر أنّ “هناك مستويين للتفاوض: الأول هو إنهاء الحالات الحربية ووقف كل الأعمال العسكرية وضمان السلم في المناطق اللبنانية كافة، والثاني هو “التطبيع”.
وقال: “إن المجتمع اللبناني عانى من الحروب، وهناك جزء كبير من اللبنانيين عانوا أكثر من غيرهم من الوجود العسكري للمنظمات الفلسطينية ووجود جيش النظام السوري في لبنان، وهناك جزء آخر عانى أكثر من غيره من الاعتداءات الإسرائيلية، ولمن يريد السلام مع إسرائيل، أي التطبيع، عليه طرح السؤال على البيئة التي ضحّت من أجل هذه الحرب، لأنها هي من تأثرت بشكل مباشر، وأخذ رأي هذه البيئة عمّا يتم الحديث عنه من خلق علاقة مع دولة لا تزال عدوًا للبنان”.
وأضاف: “لا نقبل لأي حزب أن يختزل طائفة معيّنة وأن ترتدّ خياراته سلبًا أو إيجابًا عليها والأهم أن يتفهم كل أحد منا هواجس الطرف الآخر والجلوس سويًا للتفكير مع بعضنا البعض وهذا ما طرحه رئيس حزب الكتائب في ما يخص مؤتمر المصارحة والمصالحة وهذا المؤتمر ضروري من أجل تقبّل الجميع أن قراءة التاريخ تبدّلت مع الوقت”.
أما عن إقتراع المغتربين، فقال: “موقفي في الحكومة كان واضحًا، فلا يمكننا تأجيل هذا الموضوع لأن الوقت سيداهمنا فيما بعد وعلينا التطرق له في أسرع وقت ممكن ومن الواضح أنّه داخل الحكومة هناك أكثرية لديها توجه نحو اقتراع المغتربين للـ128 نائبًا، أما اللجنة الوزارية فقد خلصت بالإجماع إلى أن على مجلس النواب التدخل، لأن تدارك الشوائب والثغرات الموجودة في القانون الحالي هي من صلاحية مجلس النواب، وليس من صلاحية مجلس الوزراء”.
وأضاف: “تبيّن أنّ هناك إشكالًا في تطبيق القانون الحالي، وعلينا معالجة هذه الثغرات وطرحت عندها القيام بواجبنا كحكومة وتقديم مشروع قانون لتعديل المادة التي تخص اقتراع المغتربين”. وأكد نصّار أنّه “من حق المقيمين خارج لبنان التصويت للـ128 نائبًا، وهذا مطلب من أكثرية المقيمين في الخارج، والقانون الحالي الذي يعتمد على التصويت لستة مقاعد غير قابل للتطبيق”.
وقال: “مجلس النواب مركز القرار التشريعي، ويتحدث باسم الشعب اللبناني، ومن الضروري أن يتطرق لهذه المسألة ويأخذ الموقف المناسب ولا أعتقد أنّه سيتجاهل هذا الملف إنما سيتخذ الموقف”.
كما شدد نصّار على أنّه في عمله الوزاري لا يأخذ بعين الاعتبار الخلافات السياسية وعند طرحه للأسماء على مجلس الوزراء في ما خص التعيينات القضائية لم يكن لأي اسم في عمله المهني أي محسوبية تجاه أطراف سياسية والشيء نفسه فيما يتعلق بالتفتيش القضائي فلا توجد أي مقاربة سياسية في الأمور المرتبطة بعمل الوزارة فلا استهداف ولا خدمات لأحد.
وأردف: “في الثقة التي منحني إياها النائب سامي الجميّل عند طرحه لإسمي لأكون وزيرًا، كان موقفه بأنه لا يقبل بأي تدخل أو مطلب، دافعًا أساسيًا لكل الأطراف الأخرى للالتزام بهذا الأمر، وحزب الكتائب لم يطلب مني يومًا تعيين أي شخص قريب له، وهو مدرك أنني أحايد الحياة السياسية في عملي المهني”. وأكد بقوله: “اليوم يمكننا القول إن العمل القضائي انتظم، وهو أول مؤسسة في الدولة بدأت بإعادة ترميم نفسها”.
وأكد نصار أن “التفتيش القضائي يقوم بدور كبير ومهم، والقضاء يعمل بهدوء وصمت ورصانة، ويبني ثقة بالتراكم وليس بالإعلام.”
وفي ما يخص القرار المتعلق بكتاب العدل، قال: “نظمنا عمل كتاب العدل استنادًا إلى قواعد محددة في قانون مكافحة الفساد، وفي تبييض الأموال يُلاحق المرتكب والشريك والمسّهل، وهناك مواد قانونية تؤكد ملاحقة كتاب العدل في حال التسهيل لعملية تبييض أعمال،والتعميم كان بهدف توعية كتاب العدل لعدم اتخاذ هذه الإجراءات من أجل عدم التعرض للمساءلة.”
وتابع: “أما بالنسبة لاقتصاد الكاش، فالتعميم يقول إن أي عمليات بالكاش بأموال باهظة من دون أدنى تدقيق تُعرّض كاتب العدل للمساءلة كما تعرض الدولة اللبنانية البقاء في القائمة الرمادية.”
وعن تعيين المحققين العدليين، قال نصار: قمت بتعيين القضاة في المواقع التي تشهد شغورًا، وهذه ملفات مفتوحة، ومن واجبنا وفقًا للقانون ملء هذا الشغور.
وفي ما خص جريمة قتل الشاب إيليو أبو حنا، اعتبر أن هذه الجريمة تطرح مسألة السلاح الفلسطيني وتؤكد أنّه لا يمكننا التأخير في معالجة موضوع السلاح غير الشرعي، مشيرًا إلى أن القضاء يتابع التحقيقات ولن يتساهل، والقوى الأمنية تتجاوب مع القضاء، وهناك متابعة دائمة لكل الملفات.
بالنسبة للمرفأ، أشار نصار إلى أن القاضي طارق البيطار يقوم بإجراءات متعلقة بالخارج، ونحن نضغط بصلاحيتنا على أخذ المعلومات من الخارج، بما فيها طلب استرداد صاحب سفينة سوروس.
وختم: “لا يمكن لأي شيء إزاحة البيطار عن مهامه من خلال قناعته الشخصية بالنظر في هذا الملف حتى النهاية، وهناك إصرار منه على إنجاز عمله في أسرع وقت ممكن ولكن بحسن إدارة هذا الملف.”




