معدلات انعدام الأمن الغذائي في لبنان مرتفعة

معدلات انعدام الأمن الغذائي في لبنان مرتفعة
معدلات انعدام الأمن الغذائي في لبنان مرتفعة

كتب اتحاد درويش في “الأنباء”:

أقيمت في لبنان سلسلة من الأنشطة لمناسبة يوم الأغذية العالمي 2025، والذكرى الثمانين لتأسيس منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) واليوم الدولي للمرأة الريفية، جرى فيها تسليط الضوء على الجهود المستمرة التي تبذلها «الفاو» في تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الأمن الغذائي، ودعم المرأة الريفية العاملة وبناء قدرات المزارعين في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان.

وللمناسبة، قالت ممثلة منظمة «الفاو» في لبنان نورة أورابح حداد في حديث إلى «الأنباء»: «يأتي يوم الأغذية العالمي هذه السنة في وقت لا يزال فيه الجوع أحد أبرز التحديات العالمية. ووفق تقرير حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم الصادر سنة 2025 عن منظمة الفاو وشركائها، قدر عدد من يعانون من الجوع المزمن بين 638 و720 مليون شخص في عام 2024، أي نحو 8 إلى 9% من سكان العالم، ما يعني أن العالم ليس على المسار الصحيح لتحقيق الهدف الثاني من أهداف التنمية المستدامة المتعلق بالقضاء على الجوع بحلول 2030».

وفيما يخص لبنان، أشارت حداد أنه «على رغم التحسن النسبي بعد النزاعات السابقة، لاتزال معدلات انعدام الأمن الغذائي مرتفعة، إذ يعاني حوالي 20% من السكان من انعدام الأمن الغذائي الحاد. فبحسب تحليل IPC 2025، يعاني نحو 1.24 مليون شخص من مستويات مرتفعة من انعدام الأمن الغذائي الحاد (المرحلة 3 وما فوق ـ مرحلة أزمات وطوارئ)، وهذا تحسن طفيف مقارنة بعام 2024. إلا أن تداعيات الأزمات الاقتصادية المتواصلة والآثار المناخية وتأثر القطاع الزراعي بشدة، بالنزاع الأخير، إضافة إلى التحديات البنيوية من الاستيراد والتمويل وأزمات البنية التحتية وغيرها، لاتزال تهدد الأمن الغذائي الوطني وتؤثر على استدامته. لذا فإن لبنان لم يتخلص بعد من معضلة الأمن الغذائي رغم بعض المكاسب الهشة، ويحتاج إلى استمرار الدعم الدولي والوطني للحفاظ على المكتسبات وتحسين الأوضاع».

وأوردت حداد بعض الأمثلة، مشيرة إلى أنه «خلال موسم 2024 – 2025 سجل البلد انخفاضا في هطول المطر يقارب 50% عن المعدل السنوي العام، ما انعكس سلبا على مخزونات السدود الكبرى مثل بحيرة القرعون التي تراجعت منسوباتها بأكثر من 80% مقارنة بالعام 2024، وجفت ينابيع عدة»، وأكدت أن هذا النقص الحاد في المياه يؤدي إلى تقلص المساحات المروية وارتفاع كلفة الإنتاج، ما يؤثر على إنتاجية المحاصيل والماشية. ومع ذلك، يبقى للبنان إمكانات زراعية واعدة في السهول الخصبة كالبقاع وعكار والجنوب».

وأوضحت «أن الفاو تواصل وبالتعاون مع وزارة الزراعة وشركاء التنمية، العمل على تعزيز الإنتاج المحلي وإدارة الموارد الطبيعية، وتحسين ممارسات السلامة الغذائية، وتوفير الدعم الفني للمزارعين ومربي المواشي، وتبني الممارسات الزراعية الذكية مناخيا، والتركيز على تحسين الإنتاجية وجودة المنتجات الزراعية بما يحقق متطلبات سلامة الغذاء للحد من المخاطر الصحية المرتبطة بالغذاء، وتحسين كفاءة استخدام المياه والعمل على الاستفادة من مياه الأمطار واستصلاح الأراضي، ودعم البحوث الزراعية لتعزيز كفاءة الإنتاج، وذلك لضمان حق كل أسرة في غذاء كاف وآمن ومغذ».

وأكدت حداد «أن الفاو لعبت ولاتزال دورا محوريا في دعم القطاع الزراعي اللبناني الذي تعرض لأضرار كبيرة لأسباب متعددة منها النزاعات والحروب. وتعد الفاو من أوائل الجهات التي نفذت تقييما شاملا للأضرار والخسائر الزراعية الناتجة عن النزاع الأخير (أكتوبر 2023 – نوفمبر 2024) وإعداد تقارير مفصلة لتوجيه الدعم. ووفق هذا التقييم بالتعاون مع وزارة الزراعة والمجلس الوطني للبحوث العلمية، بلغت قيمة الأضرار نحو 118 مليون دولار، والخسائر في الإنتاج الزراعي والحيواني حوالي 586 مليون دولار. وتقدر احتياجات القطاع لإعادة الإعمار والتعافي بنحو 263 مليون دولار، منها 95 مليون أولوية لـ 2025 – 2026».

وأضافت «تستجيب الفاو عبر برامج طارئة تشمل توزيع البذور والأعلاف والأسمدة، ودعم مربي الماشية وصيادي الأسماك، وتأهيل البنى التحتية الزراعية الصغيرة كشبكات الري والبيوت المحمية. كما أطلقت برامج لدعم النساء والشباب الريفيين وتفعيل الجمعيات التعاونية لتمكينها من استعادة نشاطها الاقتصادي».

وأعلنت حداد أن «المنظمة تعمل حاليا على خطة متوسطة الأمد للتعافي الزراعي تدمج بين الاستجابة الإنسانية والتنمية، وتركز على إعادة تأهيل الأراضي واستعادة سلاسل القيمة الزراعية وبناء القدرة المؤسسية. هذا النهج الشامل يهدف ليس فقط إلى التعويض عن الخسائر، بل إلى بناء صمود مستدام للقطاع الزراعي اللبناني في وجه الأزمات المستقبلية».

وتابعت «تعمل الفاو في لبنان بشراكة واسعة مع جهات مختلفة وتكاملية لدعم القطاع الزراعي وتعزيز الأمن الغذائي. تشمل هذه الجهات المزارعين الأفراد والمجموعات والتعاونيات الذين يشكلون قاعدة الإنتاج الزراعي المحلي، بالإضافة إلى التعاون مع مؤسسات حكومية مثل وزارة الزراعة التي تلعب دورا استراتيجيا في وضع السياسات وتنظيم القطاع. كما يجري التعاون مع وزارات أخرى ومؤسسات بحثية ومراكز تعليم زراعي لتعزيز السياسات الوطنية وسلامة الغذاء وإدارة الموارد الطبيعية، مما يسهم في تطوير منظومة زراعية متكاملة ومتناسقة في لبنان».

ومن الناحية التنظيمية، قالت إن «الفاو تعمل على تعزيز القدرات التنظيمية للمزارعين والمزارعات، من خلال مساعدتهم على التنظم في جمعيات ومنظمات تعاونية، نمكنهم من تجميع أصولهم، وتحقيق اقتصاديات الحجم، وتحسين قوتهم التفاوضية، وإدارة المخاطر، وخفض تكاليف الإنتاج، والاندماج بشكل أفضل في الأسواق المحلية والدولية».

وأشارت إلى أن «الفاو» ومن خلال عملها مع المجتمعات المحلية «تركز على دعم الجمعيات الزراعية ومجموعات المنتجين لتتحول من مبادرات صغيرة إلى مؤسسات اقتصادية تقدم خدمات حقيقية لأعضائها.. هدفنا هو مساعدة المجموعات على العمل بشكل جماعي ومنظم، لتخفيض الكلفة، وتحسين الجودة، والوصول إلى الأسواق والتمويل بسهولة أكبر، مع تعزيز دور النساء والشباب في القيادة والإدارة».

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق قوة عسكرية أوروبية بديلاً لـ «اليونيفيل»؟
التالى يزبك: المجلس النيابي هو مجلس الشعب