أخبار عاجلة

جوزاف عون الرئيس بين الممانعين والسياديين

جوزاف عون الرئيس بين الممانعين والسياديين
جوزاف عون الرئيس بين الممانعين والسياديين

كتبت حنين دياب في “نداء الوطن”:

وصلَ إلى بعبدا مُثقلًا بأحلام اللبنانيين وبشعبية تكاد تكون الكبرى لرئيس جمهورية لبنانية بعد الطائف، وما لبث أن اصطدم بالواقع الصعب.

بينَ جمهور متعطّش للإنجازات وخائفٍ على مستقبل وطنه بظلّ سلاح غير شرعيّ وجمهور آخر خائف من وصولِه، وقفَ جوزاف عون غير آبهٍ بتصفيق من هنا أو برجمٍ من هناك، وقفَ عازمًا أن يكون رئيسًا لجميع اللبنانيين ولستّ سنوات غير قابلة للتمديد أو التجديد. في أشهره التسعة، أنجز عون ما يمكن إنجازه في عهد كامل على مستوى القرارات السيادية والتشكيلات الأمنية والانتخابات البلدية ومحاربة الفساد فخسِرَ بعض الطامحين الذين لم يستفيدوا من وصوله وخسرَ بعض العجولين غير العارفين بمخاطر التسرّع في القرارات المصيريّة وخسرَ بعض الحقودين الذين يريدونه رئيسهم دون سواهم ولم يربح بعد.

جوزاف عون سيربح لكنه حتى اللحظة يدفع من رصيده ومن تاريخه العسكريّ المشرّف، بانتظار أن تنصفه السنون المقبلة ويحقق خطاب القسَم قبل عودته إلى العيشيّة صيّادًا متواضعًا بين أهله وناسه.

أيّ رئيس يرفض كتلة نيابية تُبقيه اللاعب الأبرز في تشكيل الحكومات وفي إقرار القوانين وفي رفض أُخرى؟ أيّ رئيس يُعطي لمنتقديه حريّة تصل إلى حدود التهجّم الشخصيّ ويرفض استعمال النفوذ في إسكات كثيرين، وللأمانة لا يعرف الرئيس من أين يُصوّب عليه.

فالناطقون باسم “حزب اللّه” يهاجمونه، ومعارضو “الحزب” كذلك. لكن الفريقَين يريدان منه أن يكون حصريًا لهما ولا يتقبّلانه أبًا لجميع اللبنانيين. ولأن عون يحمل خلفية عسكرية ظنّ كثيرون أنه لن يُفلح في السياسة ففاجأهم، وراهن آخرون على خلاف بينه وبين رئيس مجلس النواب نبيه برّي، نظرًا لشخصية عون القياديّة ولتمسّك برّي بآرائه وخياراته. لكن عون فاجأ برّي نفسه فانتقل رهان الخاسرين إلى خلاف بينه وبين رئيس الحكومة تحت شعارات شدّ العصب السنيّ واستعادة الهيبة لرئاسة الحكومة، فكان عون حكيمًا ولم ينزلق إلى الخلافات بل كان مبادرًا وسيّر جلساتٍ للحكومة مزروعة بالألغام لكن لغمًا واحدًا لم ينفجر.

منذ وصوله إلى بعبدا، أعاد عون رسم مفاهيم الحياة السياسية اللبنانية في رفض اللونين والقولين والفعلين، فكرّس موقفه “فوق الطاولة وتحتها” وفتح أبواب القصر أمام الجميع غير آبه بمنتقديه الذين يريدون أن يفرضوا عليه من يستقبل ومن يلتقي.

يخرج زائره مقتنعًا بصوابية ما يفعل ومُعجبًا بتواضع رئيس يعرف أن الحقيقة الوحيدة في الحياة هي الموت وأن مصير لبنان لسنوات مقبلة يُحدّد اليوم. يسأله “حزب اللّه” عن عزمه سحب سلاح “الحزب” فيُجيب نعم لكنني لن آخذ البلاد إلى حرب دموية وعليكم بمساعدتي وتسليم سلاحكم للجيش اللبناني. ويسأله معارضو “الحزب” هل حقًا تريد سحب سلاح “حزب اللّه” فيجيب نعم لكن لن أسمح بوقوع حرب أهلية ولن أحمل دمًا على كفي.

هي الحقيقة التي لا تُرضي أحدًا. يفرض عون وخياراته حلًّا لبنانيًا في أصعب ظرف يمرّ فيه لبنان. فيرجمه سياديّ من هنا بحجة مقاطعة غربية، حتى يأتيه الردّ على لسان الرئيس الأميركي دونالد ترامب ومن الكنيست الإسرائيلي في إشادة بدوره فيعيد السياديّ حساباته.

ثمّ يرجمه ممانعٌ بحجّة إصراره على تشريع سحب السلاح ووضع جدول زمنيّ، ويتهمه بالتواطؤ مع من يريدون ضرب بيئة المقاومة، فيُصدم برفض إدخال الجيش اللبناني في مواجهة مع “الحزب” تحت أي ظرف من الطروف.

يُخطئ المبعوث الأميركي توم برّاك في مواقفه المتسرّعة فيُجبره على الاعتذار من اللبنانيين، ويتدخل رئيس البرلمان الإيراني قاليباف بالشؤون اللبنانية فيرفض عون استقبال لاريجاني! هي خطوات سيادية واضحة وعلى مسافة واحدة من الجميع. من حرّر مطار بيروت من قبضة “حزب اللّه”؟ ومن أعاد للأجهزة الأمنية هيبتها في أقلّ من سنة؟

هو عهد لا يزال في بدايته، يحمل أعباء كبيرة ومصاعب كثيرة ومشاكل تبدأ بحقوق المودعين ولا تنتهي مع حقوق المنتشرين، في وطن ضربه سوس الفساد والتبعية والارتهان حتى بات السياديّ دخيلًا والنزيه معرقلًا. فمهما علا صوت الظالمين يبقى في لبنان من يرون أبعد من أنوفهم، ومن يتأملون خيرًا بخيارات رئيس أعاد إلى كرسيّ بعبدا الهيبة، وأعاد لبنان إلى خارطة السياسة العالمية وسيُعيده الأجمل بعد حين.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق سلام: الانتخابات النيابية في موعدها.. وما كتب قد كتب
التالى ليلة رعب.. مرحلة “السلام بالقوة” بدأت!