قريباً سيعلن حزب الله سرديّته عن الحرب. هذا ما كشفه موقع “المدن” في مقالٍ للزميلة غادة حلاوي، التي ذكرت أنّ الرواية أعدّها فريق عملٍ كبيرٍ داخل مؤسّسات الحزب السياسيّة والإعلاميّة والعسكريّة. ستتضمّن تفاصيل 70 يوماً من الحرب، مروراً باغتيال الأمينين العامّين السيّدين حسن نصرالله وهاشم صفي الدين.
تنطلق السرديّة من سياق معلوماتي واسع يؤكّد أنّ الحرب لم تكن نتيجة مفاجئة أو ردّ فعل لحظوي، بل كانت حصيلة تراكم طويل من التهديدات والإعدادات والاختراقات، في سياق سعي إسرائيلي حثيث لتفكيك منظومة العمل الدفاعي والهجومي التي طوّرتها المقاومة منذ عام 2006.
توزّعت هذه السردية على ستة فصول وخاتمة، لتقدّم قراءة شاملة لمسار الحرب بين حزب الله وإسرائيل:
الفصل الأول: التمهيد للحرب، يستعرض تراكم التهديدات والتحضيرات وبروز المؤشرات التي مهّدت الطريق للحرب.
الفصل الثاني: برنامج الهجوم، يركّز على الخطط الهجومية والاستراتيجيات التي اعتمدها العدو، إلى جانب استعدادات المقاومة لمواجهتها والتعامل معها بفعالية.
الفصل الثالث: العملية البرية، يعرض تفاصيل المعارك الميدانية، الأداء القتالي للمقاومة، والتحركات التكتيكية للعدو، مع تحليل ديناميكيات ساحة المعركة.
الفصل الرابع: تطوّر الردع، يتناول كيفية تطوّر استراتيجيات الردع والمواجهة بما يعكس قدرة المقاومة على الصمود والمبادرة.
الفصل الخامس: اتفاق وقف إطلاق النار، مراحل التفاوض، التحديات المصاحبة للتوصل إلى وقف إطلاق النار، شكل الاتفاق النهائي والدور الأميركي فيه.
الفصل السادس: ما بعد الحرب، يركّز على التحولات الميدانية والسياسية والاجتماعية بعد الحرب، مع تقييم انعكاساتها على البيئة والمقاومة.
هي ليست الرواية الرسمية للحزب عن الحرب، لكنها تحظى بموافقة قادته، وتتضمّن يوميات الحرب بأدق تفاصيلها، مرفقة بأوراق وملفات توثّق الوقائع.
كيف قتل السيد نصرالله؟
تخلص هذه السردية إلى نتيجة مفادها أنّ الحرب أثبتت بيومياتها أنها لم تكن وليدة اللحظة، بل نتيجة عمل إسرائيلي دؤوب. وبالمحاججة، تقول إن معركة الإسناد ليست سبب الحرب، فمن يعدّ تفجير البيجر، وبنك المعلومات الذي تحتفظ به إسرائيل، تأكيد أنها كانت حصيلة تراكم معلومات منذ حرب عام 2000. وتتناول السردية تفاصيل الحرب وكيف عملت إسرائيل على المستوى الأمني والاستخباراتي.
سيحاول حزب الله الإجابة على أسئلة لا تزال مطروحة، من بينها: كيف قُتل الأمين العام السيد نصرالله؟ وكيف جرى تفخيخ أجهزة البيجر؟ وكيف علمت إسرائيل بمخازن الصواريخ واستهدفتها؟
في هذه السردية، يتحدث حزب الله عن أمور “أسطورية” سطّرها خلال الحرب، سيتناولها لاحقاً، وسيسرد القادة في الميدان تفاصيل المواجهة في قرى الحافة الأمامية التي شهدت نحو 47 عملية اشتباك منعت توغل إسرائيل إلى الداخل، إضافة إلى دور سلاح الجو.
قُسمت السردية إلى مراحل وتضمّنت مجموعة من الموضوعات التي يجب معالجتها، لكن السؤال الأساسي الذي تطرّقت إليه هو سؤال الناس: هل لولا حرب الإسناد كانت حصلت الحرب وقُتل السيد وواجهنا ما واجهنا؟ ليكون الجواب أنّ حزب الله، ولو لم يدخل معركة إسناد غزة، لكان على نقيض أفكاره ومعتقداته، ولكان قد سقط في مفاهيمه الدينية والإنسانية والشرعية. وبالوقائع، يقول إنّ الإسرائيلي كان قد حضّر مسبقاً لعدوانه، ولو لم تكن حرب الإسناد لكانت الحرب الإسرائيلية واقعة لا محالة، مع فارق “أننا كنا متنا جبناء”. ولو عاد الزمن بحزب الله إلى الوراء لكان فعل ما فعله وناصر غزة وأهلها.
في ما يتعلق بالحرب الواسعة، يؤكد حزب الله أنّه لم يكن بوارد توسعة الحرب، وأنه دفع ثمناً غالياً نتيجة ذلك، وهو خسارة السيد نصرالله.
حرب في بيئة معقدة
تتحدث السردية عن جبهات الإسناد من اليمن إلى العراق. ما يعرفه الناس عن الحرب أنّ حزب الله قصّر، ولكنهم لا يعلمون لماذا وكيف كان يقاتل في بيئة أمنية معقّدة جداً ومخترقة للغاية. ومن الوقائع، يتضح كيف كان الخرق في دوائر النفوس، وفي مصلحة تسجيل السيارات، وفي الاتصالات والمحاكم والطاقة والمالية. ولهذا يتحدث اليوم عن الحاجة إلى استراتيجية أمن وطني.
ينقل حزب الله أنّ 12 يوماً من الحرب على إيران انتهت لتكشف بعدها التقارير الأمنية أنّ أغلب العملاء الذين أُلقي القبض عليهم كانوا نتيجة خرق شبكة الاتصالات، حيث إنّ 11 مليون اتصال جرى خلال 12 يوماً كانت مثار شبهات لخرق أمني واسع.
ويقول الحزب إن عرضاً تفصيلياً لوقائع الحرب التي شنّتها إسرائيل، وشراستها وما شهدته أيامها من 17 أيلول حتى 28 تشرين الأول، كانت كفيلة بالقضاء على إمبراطوريات ودول، وليس فقط على أحزاب.