كلٌ يسعّر على هواه: “البلد غالي”!

كلٌ يسعّر على هواه: “البلد غالي”!
كلٌ يسعّر على هواه: “البلد غالي”!

كتبت بولين فاضل في “الأنباء الكويتية”:

تبدو عبارة «البلد غالي» مشتركة على ألسنة جميع اللبنانيين، مع عبارة أخرى مألوف سماعها هي «المية دولار ما بتساوي شي». ولا يختلف اثنان على تراجع القدرة الشرائية للمواطن في لبنان إلى مستويات متدنية جدا منذ وقوع أزمة العام 2019 الاقتصادية، قبل أن يتأقلم اللبناني ويصحح وضعه منذ العام 2023، ولكن من دون العودة إلى مستويات ما قبل العام 2019 المفصلي.

غير أن ما يشعر به المواطن منذ حوالى سنة ونصف السنة وربما أكثر ويشكو واقعه في كل المجالس، هو غلاء الأسعار التي تبدأ بأسعار السلع والمواد الغذائية والاستهلاكية، وصولا إلى الأسعار المتصلة بقطاعات الصحة والتعليم والسكن. فهل شكوى الغلاء في محلها بالكامل؟ وماذا يمكن أن تكون أسباب ارتفاع الأسعار طالما سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار ثابت منذ آذار العام 2023؟

الباحث في «الدولية للمعلومات» محمد شمس الدين قال في حديث إلى «الأنباء» إن «أسباب ارتفاع الأسعار تختلف تبعا لكل قطاع ولكل سلعة»، وعدد ثلاثة أسباب وراء الارتفاع على صعيد السلع والمواد الغذائية، «أولها ارتفاع الأسعار في دول المنشأ نتيجة الأزمات والحروب الحاصلة، وثانيها ارتفاع أجور الشحن نتيجة للحروب، وثالث الأسباب هو نتيجة الاحتكار».

وأضاف شمس الدين: «قبل أزمة العام 2019 الاقتصادية في لبنان، كان التاجر يطلب فتح اعتماد مصرفي، فيستورد ثم يعود ويسدد قيمة هذا الاعتماد. أما اليوم، ففي حال لم يكن التاجر يملك أموالا نقدية لفتح الاعتماد، لا يقوم المصرف بفتحه، وهذا ما جعل الاستيراد تحديدا محصورا بفئة قليلة من التجار والمستوردين. وطالما أكثر من 85% من حاجاتنا الاستهلاكية والغذائية هي مستوردة، من الطبيعي أن نشهد ارتفاعا في الأسعار. أما في موضوع المدارس مثلا، فارتفاع الأقساط هو نتيجة تراجع التعليم في المدرسة الرسمية، وهذا ان يعني اللبناني يختار المدرسة الخاصة مهما كانت الكلفة. وحين تلجأ إدارات المدارس الخاصة إلى رفع الأقساط، تكون مدركة أن المواطن لن يستغني عنها في ظل تردي الأوضاع في المدرسة الرسمية».

وإذ أشار الباحث شمس الدين إلى أن «70% من العاملين في القطاعين العام والخاص يتقاضون اليوم رواتب هي أقل بنسبة تتراوح بين 25 و50% مما كانت عليه قبل الأزمة، فيما حافظ 30% من العاملين في القطاع الخاص على مستويات رواتبهم بالدولار»، أكد أن «رفع الأجور في القطاعين العام والخاص ليس الحل للتكيف مع الغلاء لأن زيادة الأجور تعني مزيدا من التضخم وارتفاع الأسعار».

وإذا كان ثمة من يرد الغلاء والتفلت في الأسعار إلى عدم وجود رقابة رسمية صارمة وكافية على الأسعار، فإن رئيس جمعية حماية المستهلك زهير برو له رأي آخر إذ قال لـ«الأنباء»: «لا وجود في الاقتصاد الحر لرقابة على الأسعار، وبالتالي الأسباب وراء الغلاء مختلفة جدا». وأضاف: «لبنان قبل انهيار العام 2019 كان أغلى دولة في المنطقة ويفوق بـ30 بالمئة هذه الدول. ومنذ 3 أشهر أظهرت الدراسات، أن لبنان عاد ليتربع على عرش الغلاء وصار الثالث عربيا».

وعن الأسباب، قال: «أولها أن لبنان ينتج 10% من استهلاكه ويستورد الباقي. ثانيا، يسود الاحتكار أكثر من 80% من الاقتصاد، وهذا يفسر عدم وجود سياسة اقتصادية تطور الصناعة والزراعة والتكنولوجيا ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار والى هجرة الشباب والكفاءات. ومع الأسف، الانهيار المالي لم يعلم الطبقة السياسية على تغيير سياسات الفساد والاحتكار وتطوير القطاعات الإنتاجية، وهي نهبت الودائع، 2.6 مليوني حساب مصرفي، ولاتزال على السياسات نفسها. لذا فإن الأسعار ستستمر في الارتفاع خاصة في ظل سبب آخر هو غياب الاستقرار السياسي والأمني»..

مما لا شك فيه أن الغلاء لا يقتصر فقط على السلع، وإنما يتعداها إلى الخدمات التي يسعرها من يقدمها بلا ضوابط. ولكن انطلاقا من أن كل الأجواء في البلد هي أجواء تضخم وغلاء، ما يعني أن كلا يسعر على ليلاه وهواه، والهواء في لبنان تلفحه للأسف حرارة تصاعدية في الأسعار..

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق وداعًا لـ”بطاقات الحزب الأمنية”
التالى إعفاء لطلاب السريان من الأقساط في مدرستين