كتب معروف الداعوق في “اللواء”:
مشهدان متناقضان جمعتهما العاصمة الروسية منذ ايام في الوقت نفسه، الرئيس السوري احمد الشرع يقوم بأول زيارة رسمية لروسيا ، بعد اطاحته بنظام الرئيس بشار الاسد، حليف روسيا التقليدي لاكثر من نصف قرن، ويؤسس لمرحلة جديدة في العلاقات بين البلدين، بينما الرئيس الاسد المخلوع يقيم كلاجيء سياسي، بحماية روسية على بُعد مسافة قصيرة من قصر الكرملين، حيث تجري المحادثات الرسمية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هناك.
الرئيس الشرع يشدد بالمفاوضات مع الرئيس بوتين، على طي صفحة الماضي وتجاوز الاستياء الشعبي السوري من تدخل روسيا العسكري لدعم نظام الاسد، وتسهيل هروب الرئيس المخلوع الى روسيا، ويرسم معه الخطوط العريضة للعلاقات المستقبلية بين روسيا وسوريا، ويؤكد حرص حكومته على الالتزام بالاتفاقيات الموقعة بين البلدين، إن كان في ما يخص استمرار بقاء قاعدة حميمم الجوية، او القاعدة البحرية في طرطوس، او ما يخص التعاون العسكري بين البلدين، مع التشديد على التواجد الروسي في سوريا، لتحقيق التوازن الدولي، وعلى دور روسي داعم لسوريا بمواجهة اسرائيل.
اكثر من ذلك، ذهب الرئيس السوري للاشارة، الى اعطاء روسيا حصة من كعكعة اعادة الاعمار المغرية، والتي تشمل اعادة اعمار ما هدمته حرب النظام البائد على شعبه، في طول البلاد وعرضها، واعادة النهوض بسوريا بالكامل، خلافاً لروايات وادعاءات بقايا النظام السابق، بحصر هذه العملية بدول تدور في فلك الولايات المتحدة الاميركية دون غيرها.
وفي المقابل، كان الرئيس المخلوع يقبع في مقر لجوئه القسري القريب، يسترق بحسرة وألم الاخبار، مما يتوفر له من مساحة محدودة جدا، بالتواصل الخارجي او ما تيسر له عبر وسائل الاعلام، كيف تطورت علاقة روسيا مع المنقلبين عليه بهذه السرعة، ويرتجف بداخله خوفاً ، من ان يكون ثمن هذا التقارب الذي بدا في الاشهر الاولى من اسقاط نظامه مستحيلا، على حساب، تسليمه للسلطة الجديدة لمحاكمته في سوريا على الجرائم التي ارتكبها ضد السوريين ، ضمن صفقة تم التوصل اليها خلال الزيارة بعيدا من الاعلام، وإن كان مثل هذا التوقع يبدو صعباً في هذه المرحلة بالذات.
زيارة الشرع للعاصمة الروسية المنقلب على النظام بالقوة ،بوجود بشار الاسد فيها ، صدفة غريبة قلما تحدث، ويصح القول فيها، الرئيس الخالع والمخلوع فيها.
أخبار متعلقة :