موقع دعم الإخباري

لبنان عالق بين ميدان مشتعل ودبلوماسية معقدة

جاء في “الراي الكويتية”:

أكمل المبعوثُ الأميركي توم براك، السبت، القِطَعَ المفقودةَ من «البازل» الذي يَرتسم في لبنان فوق مسرح عملياتٍ عسكري ودبلوماسي شديد «الاشتعال» والتعقيد، وزاد من مَخاطره انكشافُه على «سلام غزة» بما يَعْكِسُ تَحَوُّلَ «وحدةِ الساحات» التي جرى تحت يافطتها اقتياد «بلاد الأرز» إلى معركة «طوفان الأقصى» مساراً… في اتجاهيْن.

وعلى وَقْعِ إشهارِ إسرائيل نياتها الحربية تجاه لبنان مع «وقف التنفيذ» وربما لوقت ليس طويلاً، وشَدِّ الحبال السياسي غير مباشر بين البلدين على خلفية عنوان المفاوضاتِ المباشرة الذي تضغط في اتجاهه تل أبيب وواشنطن، أطلّ براك أمام منتدى حوار المنامة، مثبّتاً بالصوت والصورة ما كان حذّر منه «كتابةً» عبر منصة «أكس» قبل أيام لجهة ما سيكون على المحكّ في حال تردّدت بيروت أو تأخّرت في تفكيك ترسانة «حزب الله».

وأعلن الموفد الأميركي الذي سبق أن قدّم «خريطةَ طريقٍ» مُمَرْحَلة وتطبيقية لاتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل (27 تشرين الثاني) صار اسمها الحَركي «ورقة براك»، أن«لا وقت أمام لبنان وعليه حصر السلاح سريعاً» و«لن تكون هناك مشكلة بين لبنان وإسرائيل إذا تم نزع سلاح حزب الله (…) ومن غير المعقول ألا يكون هناك حوار مباشر بين الجانبين»، ومعتبراً أن «آلاف الصواريخ المنتشرة في جنوب لبنان مازالت تشكل تهديداً حقيقياً لإسرائيل»، وداعياً إلى معالجة هذا الملف عبر تفاهمات تضمن الأمن والاستقرار على جانبي الحدود.

وإذ قال براك إن «إسرائيل قد تردّ في لبنان وفقاً للتطورات»، شدد على أن «القيادة اللبنانية صامدة لكن عليها التقدم أسرع بشأن حصر سلاح حزب الله»، معتبراً أن «إسرائيل تقصف جنوب لبنان يومياً لأن سلاح حزب الله لايزال موجوداً»، كاشفاً أن «إسرائيل مستعدة للتوصل إلى اتفاق حدودي مع لبنان».

وأكد أن «لبنان دولة فاشلة تعاني أزمات سياسية واقتصادية عميقة»، مشيراً إلى أن«الجيش يواجه نقصاً حاداً في الموارد المالية والبشرية، وأن حزب الله يجني أموالاً تفوق مخصصات الجيش اللبناني».

واكتسبتْ مواقفُ براك أهمية استثنائيةً لأنها أتتْ على وَهْجِ ارتداداتِ زيارة المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس لبيروت والغموض الذي أحاط بمحادثاتها، رغم المعطياتِ التي تَقاطَعَتْ عند أنها حضّت لبنان على الانخراط في مفاوضاتٍ مع إسرائيل تربطه بالمسار الجديد الذي انطلق من غزة وتوفّر عليه ما قد يستدرجه التأخّر في سحب سلاح «حزب الله» خصوصاً في ضوء التصعيد المتدحرج الذي تَمْضي به تل أبيب ويشي بما هو أدهى.

والأهمّ في ما قاله براك، وفق أوساط سياسية، إنه أعطى ضمناً «غطاءً» لِما تقوم به إسرائيل من ارتقاء في الاستهدافاتِ داخل لبنان ولسرديّتها التي تقوم على أن الحزب يعيد بناء ترسانته العسكرية وتالياً لِما قد تكون تحوكه من جولات أكثر عنفاً ضده، ناهيك عن إضاءته على جوهر أي تسويةٍ بين البلدين، رغم عدم نضوجِ ظروف الطاولة التي لن يكون هناك مفرّ من الجلوس حولها – بمعزل عن شَكلها – لبلوغ حلٍّ نهائي يَضمن لتل أبيب اجتثاث ما تَعتبره «مخاطر دائمة» يشكّلها سلاح «حزب الله»، ولبيروت استعادة أراضيها وأَسْراها وعدم انتهاك سيادتها بأيّ صيغٍ لمناطق عازلة، ولو ارتدت «قبعة» اقتصادية.

أولويةَ المفاوضات المباشرة

فالموفد الأميركي كرّسَ أولويةَ المفاوضات المباشرة بين لبنان وإسرائيل باعتبارها إطاراً للحلّ وأن سلاحَ «حزب الله» يَبقى «القفل والمفتاح» في أي تسوية، وهو ما يُظَهِّر واقعياً أنّ جوهرَ «المأزق» الذي تقف بيروت أمامَه لا يَكمن في شكلِ التفاوض الذي أبدى الرئيس جوزف عون استعداداً له مع تقاطُع رسمي على أن يكون في إطار لجنة «الميكانيزم» الخماسية وانفتاحٍ على تطعيمها بمدنيين تقنيين، بل في نقطتين:

– الأولى أن يملك لبنان إقراراً من الحزب بأنه سيسلّم سلاحَه وإلا فإن أي قرارٍ من حكومة الرئيس نواف سلام بذلك (وفق ما صدر عنها في 5 و7 آب ثم في 5 أيلول) لن يكون له عملياً أي وَقْعٍ مؤثّر على أي طاولةٍ لن يَحكمها إلا برنامج يشكل السلاح ركيزتَه ومع برمجةٍ واضحة لإنهائه أقله وفق مبدأ «الخطوة مقابل خطوة» التي تشتمل في المقلب الآخر على الانسحاب من النقاط التي مازالت إسرائيل تحتلها في الجنوب وإطلاق الأسرى.

– والثانية أن إسرائيل لن تقبل بوقف الاعتداءات في مقابل بدء التفاوض، بل تفضّل «نموذج غزة» بالتفاوض تحت النار، وخصوصاً ما دام «حزب الله» لم يسلّم الدولةَ اللبنانية «الورقة الذهبية» المتمثلة بأنه مستعدّ لتفكيك ترسانته في حال نفذت إسرائيل موجباتها من اتفاق 27 تشرين الثاني، وهو ما سيجعل لبنان الرسمي متقدّماً بخطوات على تل أبيب في أي مفاوضاتٍ وقادراً على قَطْعِ الطريق على أي «تثقيلٍ» لها بمطالب وشروط تعمّق الأضرار على المستوى السياديّ ناهيك عن مخاطر استدراجها موجات تصعيد جديدة.

ولم يكن عابراً أن المواقف الصادمة الجديدة، التي عوّد براك الجميع عليها، جاءتْ أيضاً غداة مطالبة عون للجيش اللبناني بالتصدي لأي توغلات إسرائيلية جديدة داخل الأراضي اللبنانية على غرار ما حصل في بليدا الجنوبية، وصولاً لتجديده (الجمعة) تأكيد «استعداد لبنان للمفاوضات من أجل انهاء الاحتلال الإسرائيلي، لكن أي تفاوض لا يكون من جانب واحد، بل يحتاج إلى إرادة متبادلة وهذا الأمر غير متوافر بعد، أما شكل التفاوض وزمانه ومكانه فيحدد لاحقاً».

وأعلن عون أننا «لسنا من دعاة حروب لأننا جرّبناها وتعلّمنا منها العبر»، مذكّراً «لقد أكدتُ أن خيار التفاوض هو من أجل استرجاع أرضنا المحتلة وإعادة الأسرى وتحقيق الانسحاب الكامل من التلال، لكن هذا الخيار لم يقابله الطرف الاخر إلا بمزيد من الاعتداءات على لبنان، في الجنوب والبقاع وارتفاع منسوب التصعيد (…) وعدم تجاوب إسرائيل مع الدعوات المستمرة لوقف اعتداءاتها يؤكد على ان قرار إسرائيل العدواني لا يزال خيارَها الأول».

ملف الإعمار في الجنوب

وفي موازاةِ محاولة الرئيس اللبناني إحداث نوع من التوازن، وإن رغم انعدام التكافؤ العسكري ولا الدبلوماسي مع إسرائيل المدعومة بالكامل أميركياً، بوجه الضغوط المتدرّجة سياسياً وفي الميدان، وساعياً في الوقت نفسه لتظهير الدولة وكأنها ممسكة بخيار الحرب وتالياً بالسلم، برز ما كُشف عن إدارةِ رئيس البرلمان نبيه بري محرّكات ملف الإعمار في الجنوب، من دون أن يُعرف على ماذا يتكئ هذا التطور بعدما أعلنت إسرائيل في الأسابيع الأخيرة «الحرب» واقعياً على البنية التحتية للإعمار، ومازالت، وفي ظلّ تحفُّزها لتوسيع ضرباتها وفق تصريحات مسؤوليها وما تعبّر عنه المُراكمة الإعلامية اليومية.

وقد تحدثت وسائل إعلام لبنانية، عن أن لقاء موسَّعاً سيعقد في مجمع بري الثقافي في المصيلح يوم الثلثاء لوضع برنامج خطط لإعمار الجنوب، فيما ذكر موقع «المدن» أن اللقاء يهدف «إلى مقاربة الأولويات والوقوف عند الأرقام التفصيلية ومقاربة الحاجات والموجودات والسعي لجعل الملف أولوية لبنانية»، وأن برّي يريد القول للجنوبّيين إنه لن يهدأ حتى يعود سكان القرى الحدودية إلى منازلهم وأن لا ملف يفوق هذا الملف أهمية بالنسبة له.

وإذ أفيد بأن برّي «أوعز بوضع كل الطاقات في سبيل إعادة الإعمار وجعل الموضوع أولوية وطنية والبداية من اللقاء»، عُلم ايضاً أن جغرافيا الاجتماع تكتسب رمزية في ضوء من الموقع الذي استهدفته إسرائيل قبل فترة قصيرة حيث دمرت مئات الجرافات والآليات قرب دارة رئيس البرلمان، في الوقت الذي ذكر موقع «النهار» الإلكتروني أن من رسائل اللقاء «التأكيد أمام المجتمع العربي والدولي على تمسك اللبنانيين، ولاسيما أبناء الجنوب بأرضهم، وعدم التفريط بها، وأيّ حديث عن إقامة منطقة اقتصادية برعاية أميركية في البلدات الحدودية لن يمر».

وفي وقت تتجه الأنظار إلى زيارة رئيس الحكومة نواف سلام بيروت للقاهرة، حيث شارك في احتفالية افتتاح المتحف المصري الكبير، اليوم السبت، على أن يحضر غداً الأحد اجتماعات اللجنة العليا اللبنانية – المصرية في دورتها العاشرة والتي ستشهد توقيع أكثر من 15 اتفاقية ومذكرة تفاهم، بقيت زيارة مدير المخابرات المصرية حسن رشاد لبيروت في دائرة التحريات عما حمله، وخصوصاً في ضوء الدور المحوري لبلاده في هندسة اتفاق غزة.

خطة مصرية!

وبرز ما نُقل عن هيئة البثّ الإسرائيلية من أنّ «القاهرة بدأت تحرّكاً دبلوماسياً مكثّفاً في لحظة توتر متصاعدة على الجبهة اللبنانية – الإسرائيلية، بهدف طرح مقاربة جديدة تمنع انزلاق المنطقة إلى مواجهة شاملة، وتقوم على توازن بين الأمن والسياسة والإقليم».

ونقلت عن مصادر دبلوماسية عربية أنّ «الخطة المصرية تهدف إلى تثبيت وقف النار وانسحاب القوات الإسرائيلية من النقاط الخمس التي مازالت تسيطر عليها القوات الإسرائيلية، مقابل التزام حزب الله بتجميد نشاطاته العسكرية جنوب نهر الليطاني».

وتتضمّن«إنشاء آلية تفاوض برعاية عربية تركية تتولّى متابعة تنفيذ الاتفاق وتمنع أيّ خرق له»، بما يضمن إشرافاً ميدانياً عربياً إسلامياً جزئياً بديلاً عن الدور الأممي التقليدي.

كما أوضحت، أنّ الخطّة المصرية تحمل«بُعداً إقليمياً يقوم على ضرورة التنسيق بين طهران والرياض لتحييد لبنان عن التجاذبات الإقليمية»، مع الحفاظ على سلاح حزب الله ضمن ما تصفه القاهرة بـ«الخمول الإستراتيجي»، أي من دون استخدامه أو تطويره.

في موازاة ذلك، حذر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير من أن صبر إسرائيل بدأ ينفد إزاء ممارسات«حزب الله»، مشدّداً على أن جيشه«لن يتسامح مع أي انتهاك يعرض أمن إسرائيل للخطر في أي ساحة».

ونقلت صحيفة «معاريف» عن زامير«نعمل في جميع الساحات بجاهزية عالية، وفي بعض الساحات سنعمل مجدداً بقوة أكبر مما عرفناه خلال العامين الماضيين».

في المقابل، وغداة اعتبار الأمين العام لـ«حزب الله»الشيخ نعيم قاسم «أن أميركا ليست وسيطاً نزيهاً بل هي الراعية للعدوان»، ما اعتُبر رسالة برسم أي شكل من التفاوض برعاية أميركية، سأل نائب الحزب حسن عز الدين الحكومة اللبنانية«لماذا لا تصدر قراراً سياسياً وطنياً لقيادة الجيش اللبناني باتخاذ الإجراءات اللازمة لصد الاعتداءات الإسرائيلية، ولمنع هذا العدو من التمادي واستباحة السيادة اللبنانية؟».

في هذا الوقت، تستعدّ بيروت لاستقبال وكيل وزارة الخزانة الأميركية لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، جون ك. هيرلي، في إطار جولة إقليمية يقوم بها وستركّز على«التعاون مع عدد من الشركاء الرئيسيين لتنفيذ حملة الضغط الأقصى التي أطلقها الرئيس دونالد ترامب ضد إيران، وتعزيز إجراءات الحماية لمنع الجماعات الإرهابية من الوصول إلى النظام المالي العالمي».

سلام: بات قريباً فَتْحُ الأسواق الخليجية أمام الصناعات اللبنانية

أكد رئيس الحكومة نواف سلام«أننا نواجه العديد من الصعوبات، لكننا نسعى جاهدين لفتح الأسواق أمام الصناعات اللبنانية، ولا سيما الأسواق الخليجية»، كاشفاً عن أن لبنان بات قريباً من تحقيق هذا الهدف، ومعرباً عن أمله في أن يتم ذلك في أقرب وقت.

وجاء موقف سلام خلال زيارته مساء الجمعة معرض الصناعات اللبنانية المقام في Seaside Arena حيث تفقّد أجنحة المعرض واطّلع على مجموعة واسعة من المنتجات اللبنانية.

أخبار متعلقة :