جاء في “الشرق الأوسط”:
لم تكن الحرب مجرد أرقام، بل حكاية أساليب إخفاء غير مألوفة. في نيسان 2021 ضُبطت في مرفأ بيروت شحنة رمان محشوّة بحبوب الكبتاغون كانت متجهة إلى السعودية، وُصفت بأنها من «الأكثر تعقيداً» لكون الحبوب غُرست داخل كل ثمرة بطريقة تجعل كشفها شبه مستحيل من دون تفكيك يدوي شامل.
وفي 2023 كُشف عن مختبر متكامل لتصنيع الكبتاغون في البقاع الأوسط، مجهّز بخزانات وأجهزة ضغط حراري، وفي 2024 ضُبطت شحنة خشب صناعي متجهة إلى أفريقيا تبيَّن أنها معبّأة بطبقات مخفية من الحبوب داخل الألواح المضغوطة.
على هامش ذلك، رُصدت أساليب تمويه إضافية عبر أثاث منزلي ومكانس كهربائية وخزائن معدنية، بل وصلت الحيلة إلى استخدام مواد مشبَّعة يمكن استخلاص المخدر منها كيميائياً بعد وصولها إلى وجهتها.
هذه الوقائع، حسب مصادر أمنية، تكرّس «صناعة الحيلة» بوصفها ذراعاً لا تقلّ أهمية عن التصنيع الكيميائي نفسه.
استراتيجية المخابرات… من الرصد إلى التفكيك
وبموازاة الجهود الأمنية الميدانية، وضعت مديرية المخابرات في الجيش اللبناني استراتيجية متكاملة لمكافحة المخدرات، انطلقت من العمل الاستخباراتي الدقيق إلى التنفيذ الميداني المباشر. وترتكز هذه الاستراتيجية على جمع المعلومات عبر أنظمة استخبارات متنوّعة، وتحليلها لتحديد مسارات التهريب وهوية الشبكات الفاعلة، قبل الانتقال إلى عمليات التوقيف والتفكيك. 
وشملت الإجراءات تكثيف الرقابة الأمنية في المرافق العامة مثل مطار رفيق الحريري الدولي ومرفأي بيروت وطرابلس، وتعزيز نقاط المراقبة على المعابر الحدودية، إلى جانب تحليل البيانات الميدانية لرسم خريطة واضحة للشبكات العاملة في الداخل والخارج.
وتقوم المديرية كذلك بشلّ مصانع المخدرات ومنع المصنعين من الحصول على المواد الأولية، مع قطع مسارات التمويل التي تغذّي هذا النشاط، وإحباط عمليات التهريب إلى الخارج بالتنسيق مع الأجهزة الشريكة.
أما على صعيد النتائج، فقد أسفرت عمليات المخابرات خلال الأعوام 2021 و2023 عن توقيف 1039 شخصاً بين تاجر ومصنّع، في حين فاقت أعداد الموقوفين بجرائم الترويج والتعاطي هذا الرقم بأضعاف. كما تم ضبط ومصادرة أطنان من المخدرات والمواد الخام المستخدمة في تصنيعها، فيما يُعدّ واحداً من أكبر الإنجازات الأمنية في هذا الملف خلال العقد الأخير.
وتشير خلاصات الجداول إلى أنّ عام 2022 مثّل نقطة الذروة في إجمالي المضبوطات عبر مختلف الأنواع، وبرز هنا تعاون ثلاثي بين قوى الأمن الداخلي ومديرية الجمارك والجيش اللبناني، إلى جانب دعم تقني من جهات دولية متخصصة.
أخبار متعلقة :