موقع دعم الإخباري

لبنان في قلب العاصفة الدولية

كتب طارق أبو زينب في “نداء الوطن”:

يشهد لبنان مرحلة دقيقة تتقاطع فيها الضغوط الدولية مع التحديات الداخلية، في ظل تصدّر الملف اللبناني المشهد الإقليمي بعد توقيع اتفاق السلام في غزة وتنفيذ مراحله الأولى وانعكاساته المباشرة على دول الجوار. ومع تسارع التطورات في المنطقة، يُتوقع أن تتزايد الضغوط الأميركية والدولية على لبنان لدفعه نحو تطبيق القرارات الدولية ونزع سلاح الميليشيات، وعلى رأسها “حزب الله”، بما يكرّس حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية. وتشير التقديرات إلى أن هذه الضغوط قد تترافق مع خطوات تصعيدية متدرجة، تشمل فرض عقوبات إضافية على شخصيات ومؤسسات، واستمرار تجميد مشاريع إعادة الإعمار إلى حين تحقيق نزع السلاح وتثبيت الحدود والتوصل إلى اتفاق شامل يُنهي ملف سلاح “حزب الله” .

غياب لبنان عن قمة شرم الشيخ

وكشف مصدر دبلوماسي أميركي خاص لصحيفة “نداء الوطن” أن لبنان لم يتلقَ أي دعوة رسمية لحضور قمة شرم الشيخ للسلام، التي ترأسها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والرئيس الأميركي دونالد ترامب، بمشاركة أكثر من عشرين دولة عربية وغربية. هذا الغياب، بحسب المصدر، لا يعني تهميشًا للبنان بقدر ما يعكس تركيز القمة على ملفات محددة، أبرزها تنفيذ اتفاق السلام في غزة وترتيبات ما بعد وقف النار. ومع ذلك، فإن الملف اللبناني حضر في الكواليس السياسية بوصفه جزءًا من المشهد الإقليمي الأشمل، خصوصًا في ما يتعلق بمستقبل “حزب الله” ودور إيران في لبنان.

موقف الولايات المتحدة من السلاح والشرعية

وخلال خطابه أمام الكنيست الإسرائيلي، تناول الرئيس الأميركي دونالد ترامب الملف اللبناني بشكل واضح، مؤكدًا أن “لبنان لا يمكن أن ينهض طالما أن سلاح الميليشيات خارج سيطرة الدولة”. وشدد على ضرورة نزع سلاح “حزب الله” وبناء دولة لبنانية قوية قادرة على العيش بسلام مع جيرانها، معربًا عن تقديره لرئيس الجمهورية جوزاف عون الذي وصفه بأنه “رجل يسعى بإخلاص لتعزيز الاستقرار الوطني”. هذا الموقف، وفق مراقبين، يعكس اهتمام واشنطن المتزايد بلبنان، ليس فقط كدولة على خط التماس مع إسرائيل، بل كاختبار لقدرة المجتمع الدولي على فرض تطبيق القرارات الدولية

خطة المارينز والإشراف على الاتفاقيات الدولية

وبحسب المصدر الدبلوماسي الأميركي الخاص، يجرى التداول في أروقة الإدارة الأميركية بفكرة إرسال وحدات من قوات المارينز إلى لبنان للإشراف على آلية تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، على غرار ما جرى في قطاع غزة، بهدف ضمان حصر السلاح بيد الدولة. وأوضح المصدر أن هذه الفكرة ليست جديدة بل تُطرح دوريًا، وتشارك في مناقشتها جهات أوروبية تدرس إمكانية إرسال قوات دعم إلى جنوب لبنان تحت مسمى مختلف عن “القوة متعددة الجنسيات”. وأكد أن دور هذه القوات سيكون إشرافيًا بحتًا على تنفيذ الاتفاقيات الأمنية، ولن يحلّ محلّ قوات “اليونيفيل” العاملة حاليًا في الجنوب .

مخاطر التصعيد وخيارات واشنطن

وأضاف المصدر الدبلوماسي الأميركي أن الإدارة الأميركية تراقب بقلق احتمال تصعيد جديد على الساحة اللبنانية، خاصة مع ازدياد المخاوف من أن تقدم إسرائيل على شن هجوم محدود ضد “حزب الله” إذا فشلت الجهود الدبلوماسية. كما أشار إلى وجود خشية من اتساع رقعة المواجهة الإقليمية في حال اندلاع صراع مباشر بين إسرائيل وإيران، رغم تأكيدات وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن طهران تلقت من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، نقلًا عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تأكيدًا أن تل أبيب لا تسعى لحرب جديدة مع إيران .

بحسب المعلومات التي حصلت عليها “نداء الوطن” من المصدر نفسه، تبحث واشنطن في الوقت الراهن خيارًا حاسمًا يفرض على “حزب الله” الالتزام بالقرارات الدولية، بما يشمل تسليم خرائط مخازنه ومراكزه، والتخلي عن ترسانته العسكرية، ووقف أي دعم يقدمه للفصائل الحليفة مثل حركتي “حماس” و”الجهاد الإسلامي” في لبنان .

استعدادات إسرائيلية على الحدود

وبالتوازي، أوضح المصدر أن الجيش الإسرائيلي يواصل وضع سيناريوات متعددة للتعامل مع جبهته الشمالية، تشمل إعادة نشر وحداته على طول الحدود مع لبنان وسوريا، ونقل قوات من قطاع غزة إلى الشمال استعدادًا لأي تطورات. وتتهم تل أبيب “حزب الله” بأنه يواصل إعادة بناء قدراته العسكرية، رغم التفاهمات غير المعلنة مع الوسطاء الدوليين .

يبدو أن لبنان يدخل مرحلة جديدة من الضغوط السياسية والعسكرية المتصاعدة، وسط سباق بين مساعي واشنطن لتثبيت الاستقرار عبر نزع سلاح الميليشيات، ومحاولات “حزب الله” الحفاظ على موقعه العسكري والسياسي. وفي غياب توافق داخلي لبناني شامل، يبقى البلد عالقًا بين خيارات الخارج وتناقضات الداخل، في انتظار تسوية شاملة قد تحدّد مستقبل الدولة وسلاحها وحدودها معًا.

أخبار متعلقة :