موقع دعم الإخباري

دوائر “عين التينة”: لبنان يستعدّ للتفاوض مع إسرائيل

كتبت نورما أبو زيد في “نداء الوطن”:

منذ فجر العهد، يرقص الرئيسان جوزاف عون ونبيه برّي التانغو السياسي بخفة المحترفين وبراعة المتمرّسين، وإيقاعهما منسجم على نحوٍ يشي بأن “البروفات” بدأت باكرًا، وربّما قبل أن يُضاء قصر بعبدا في 9 كانون الثاني.

خطواتهما موزونة، محسوبة، لا ارتباك فيها، ولا مفاجآت. يتقدّمان معًا حينًا، ويتظاهران بالتباعد حين تستدعي اللعبة بعض الالتباس. يعرفان متى يقتربان حتى التلاصق، ومتى يبتعدان بالقدر الذي يُبقي الحرارة قائمة بينهما. ومن يراقب أداءهما، يُدرك أنهما يتقاسمان المساحة، ويتناوبان القيادة، ويتبادلان الإشارة، ولا يرفع أحدهما قدمًا إلّا وقد أدرك الآخر موضع خطوته التالية.

ورغم أن الرقص يندرج في لائحة المحرّمات الشكلية لدى “حزب اللّه”، لم يتردّد في مجاملة التانغو السياسي بين عون وبرّي ببعض التصفيق الخافت، مع إدراكه المسبق أن الرقصة المنسجمة ليست للعرض، بل لتأمين هبوطٍ ناعمٍ للسلاح، على وقع موسيقى خافتة، بلا طبلٍ ولا زمر.

بعد سلسلة التموضعات الجديدة للرئيس جوزاف عون، والتي كان آخرها تصريحه الصريح، بأن لبنان لا يجب أن يكون خارج المفاوضات، اعتقد البعض أن عون يرقص منفردًا في هذه الأيام، ولكن دوائر “عين التينة” تصحّح الانطباع، وتؤكّد بما لا يقبل الشكّ، أن وصلة التانغو مستمرّة بين الرئيسين.

تقول الدوائر لـ “نداء الوطن”، إن “تسليم السلاح ماشي على الناعم”، ولكنها في الوقت عينه لا تتوقع أن تتوقف الضربات الإسرائيلية على الجنوب، وتقول إن “الاعتداءات ستستمرّ، ووتيرتها تنذر بما هو أعنف”، وتُشَبّه اعتداءات ليل الخميس ـ فجر الجمعة بـ “الفلاحة”.

وهل يعني ذلك أن نموذج غزة على طاولة لبنان، وأن شبح الحرب التي حذر منها علي لاريجاني في زيارته الأخيرة بدأ يقترب؟

تردّ الدوائر باطمئنانٍ بارد: “انتهت الحروب في لبنان”.

ترى دوائر “عين التينة أن “الاعتداءات اليوميّة على الجنوب لا تعدّ حربًا، بل مجرّد خلفية صوتية لأمرٍ قادم يُحضر بهدوء”. وفي هذا السياق، تلاقي دوائر “عين التينة” الرئيس جوزاف عون، وتكشف عن “الإعداد لمفاوضات غير مباشرة بين لبنان وإسرائيل”، مشيرةً إلى أن “التنسيق جارٍ على قدمٍ وساق بين الرئيسين عون وبرّي، وأن العمل مستمرّ على تشكيل الوفد اللبناني الذي سيتولّى التفاوض”.

لا تفصح الدوائر عن موعد المفاوضات، ولا عن مكان انعقادها، ولا حتى عن عدد أعضاء الوفد المفاوض. لكنها تكشف عمّا هو أهم، وهو أن الوفد يُشكّل من مدنيين وعسكريين، بالقول: “الوفد نصفه مدني، ونصفه عسكري”.

نتوقف عند النصف المدنيّ في الوفد المفاوض، ونسأل إن كان ذلك إيذانًا بصعود خجول في قطار السلام، فيأتي الجواب بلا حماسة وبلا نفي: “حدا عندو غير حلّ؟”. جملة تختصر ربّما، مزاج من لم يقرّر أن يدخل المفاوضات بخيار، بل بدافع نفاد الخيارات.

لكن يبقى السؤال معلّقًا: ما رأي “حزب اللّه” بفتح باب التفاوض، وهل يملك سلاح الفيتو؟

أخبار متعلقة :