موقع دعم الإخباري

بيروت فوق فوهة القلق: بين حديث الحرب وشغف البقاء

كتبت جوانا صابر في “نداء الوطن”:

في شوارع بيروت، يسير الناس وكأنهم يحملون أسئلتهم على وجوههم. الحركة عادية ظاهريًا، لكن ما من أحد إلّا وفي داخله توترٌ لا يُقال. من الحمرا إلى الأشرفية، ومن الطريق الجديدة إلى الكولا، تدور الأحاديث حول سؤالٍ واحد: “رح ترجع الحرب؟”.

في أحد المقاهي، يقول شاب عشريني وهو يتابع الأخبار على شاشة صغيرة: “ما بقا في شي مضمون، يوم منسمع تهدئة، ويوم منسمع تهديد. نحنا صرنا نعيش من إشاعة لإشاعة”. تردّ عليه صديقته: “الناس تعبت، بس بنفس الوقت ما بقا تخاف متل قبل… صار في نوع من البلادة، كأنو كل شي صار عادي”.

في سوق صبرا، أحد الباعة يروي أنّ الزبائن صاروا يشترون “على قدّ النهار”، ما بقا في ثقة بالمستقبل، لا من جهة السياسة ولا من جهة الاقتصاد. يقول: “مش مهم الحرب، المهم ما نرجع نعيش عتمة، جوع، وخوف”.

في شارع الجميزة، مجموعة شبّان يتحدثون بحماسة: “ما رح تصير حرب، لأنو الكل خسران. بس ما حدا عم يطمن الناس، كأنو متروكين لقدَرنا”.

ورغم التناقض في الآراء، الجميع متفق على شيء واحد: الانتظار القاتل. انتظار تصريح، خبر، أو حتى خطأ واحد ممكن يشعل المنطقة. بيروت تعيش فوق فوهة لا تنفجر، لكن لا تنطفئ أيضاً.

الأصوات السياسية متداخلة، والتحليلات لا تنتهي. البعض يرى أن ما يجري في غزة قد يفتح أبواب النار من جديد، وآخرون يعتقدون أن الضغط الدولي يمنع الانفجار الشامل. لكن بين هذه القراءة وتلك، يبقى الناس هم الضحية الأولى للقلق اليومي.

في الليل، تبدو العاصمة أكثر هدوءًا من اللازم. المقاهي تفرغ باكرًا، والسيارات تقلّ، كأنّ المدينة تحبس أنفاسها. بيروت التي نجت مرارًا من الرماد، ما زالت تحاول أن تُقنع نفسها بأن الغد سيكون أرحم، ولو قليلًا.

بين الخوف والعناد، بين الترقب والأمل، تبقى بيروت مدينةً لا تموت… حتى وهي تعيش فوق فوهة القلق.

أخبار متعلقة :