موقع دعم الإخباري

صفحة جديدة أم مناورة قديمة؟

كتب داود رمال في “نداء الوطن”:

استدعى خطاب الأمين العام لـ “حزب اللّه” الشيخ نعيم قاسم، الذي بدا فيه وكأنه يمدّ يده إلى المملكة العربية السعودية ويدعوها إلى فتح صفحة جديدة مع قوى “المقاومة”، ردود فعل معارضة اعتبرت أنّ ما جرى لا يعكس تحوّلًا مبدئيًا بقدر ما هو إعادة صياغة خطابية تخدم أجندة “الحزب” التقليدية.

واعتبر قياديّ معارض لـ “حزب اللّه” في حديث لـ “نداء الوطن”، أنّ “الدعوة المباشرة إلى الرياض، التي جاءت في سياق إحياء ذكرى اغتيال قادة “وحدة الرضوان”، تحتاج إلى قراءة متأنية لأنّها تحمل في طياتها أكثر ممّا تُظهره من عناوين”. وأوضح “أنّ هذا الخطاب، لا يمكن فصله عن المسار الإقليمي الذي شهد لقاءات متتالية بين طهران والرياض في الأشهر الماضية، سواء عبر وزير الخارجية الإيراني عباس عرقجي أو عبر مستشار الأمن القومي علي لاريجاني، وبالتالي ما قاله قاسم ليس مبادرة لبنانية مستقلّة بل انعكاسًا لمناخ إقليمي متغيّر تسعى طهران من خلاله إلى خفض مستوى التوتر مع المملكة، ما يجعل الخطاب أقرب إلى إعادة التموضع الإقليمي منه إلى مراجعة حقيقية في نهج الحزب داخل لبنان”.

وأضاف القيادي “أنّ هذا التوجّه يمكن قراءته بثلاث زوايا: الأولى، أنّه محاولة لتجميل صورة “الحزب” في الخارج من دون تقديم تنازلات فعلية في الداخل.

الثانية، أنّه تكتيك يهدف إلى استثمار الانفراج الإقليمي للتخفيف من الأعباء الاقتصادية والدبلوماسية عن “الحزب”.

والثالثة، أنّه مناورة إعلامية لفرض معادلة جديدة داخليًا تقوم على قاعدة أنّ أي تفاهم سياسي أو اقتصادي يمرّ حكمًا عبر ضمّ القوى الأخرى إلى خط المقاومة. وأيّ من هذه القراءات لا يبدّل في حقيقة أنّ الخطاب لا يغيّر موازين القوى الفعلية ولا يقدّم حلولًا للأزمات اللبنانية”.

ورأى القيادي “أنّ الادّعاء بأن سلاح “الحزب” موجّه حصرًا نحو إسرائيل يبقى ناقصًا ما لم يقترن بخطوات تستجيب للمطلب اللبناني والعربي والدولي بحصرية السلاح وقرار السلم والحرب بيد الدولة اللبنانية وحدها بلا شريك، وأنّ الرياض وسواها لا تتعامل مع النوايا بل مع الآليات، ما يفرض إخضاع أي قوة مسلحة لسلطة الدولة ضمن ترتيبات واضحة لا تمسّ السيادة. ودعوة قاسم للحوار مع السعودية، تعكس محاولة لتسويق خطاب سياسي بلا مضمون عملي، وتتجاوز مرة جديدة الدولة اللبنانية التي يفترض أن تكون الجهة الوحيدة المخوّلة إدارة مثل هذه الملفات”.

أما حديث قاسم عن جاهزية “الحزب” لمواجهة إسرائيل فقط، فيبقى وفق رأي المصدر “قاصرًا ما لم يترافق مع خطوات جدية لوضع السلاح بيد الدولة، كما أنّ اختزال الأزمة في الصراع مع العدوّ الخارجي يُهمّش أزمات لبنان الحقيقية، من انهيار مالي واقتصادي وفساد مستشرٍ، و “الحزب” الذي يقدّم نفسه كمقاومة، بينما يساهم في إضعاف الدولة، لا يمكن أن يقدّم للبنانيين مخرجًا حقيقيًا ما لم يضع المصلحة الوطنية فوق الحسابات الإقليمية”.

كما لفت إلى “أنّ أي مسار لترتيب العلاقات مع الدول العربية يجب أن ينبع من سياسات رسمية للدولة اللبنانية، لا من خطابات حزبية، لذلك؛ يثير طرح قاسم على السعودية تساؤلات حول مدى مشروعيته وقانونيته بقدر ما يثير أسئلة سياسية”.

وأكد “أنّ خطاب قاسم قد يُفهم كتجاوب مع متغيّرات إقليمية، لكنه لا يشكل بديلًا عن عملية لبنانية جادة تعيد الاعتبار للدولة وتضمن وضع السلاح تحت سلطتها، ولا يمكن الحديث عن صفحة جديدة مع أي دولة عربية إلّا إذا ترافقت الدعوة مع خريطة طريق لحصر السلاح بيد الدولة”. وإلى أن يتحقق ذلك، يبقى الخطاب أقرب إلى مناورة جديدة تستثمر في تحوّلات المنطقة أكثر ممّا تسعى إلى حماية مصالح اللبنانيين.

أخبار متعلقة :