موقع دعم الإخباري

بين المَشورة والمسؤولية: أين يتموضع مصرف لبنان؟

كتب عماد الشدياق في “نداء الوطن”:

يُنتظر في الأيّام القليلة المقبلة، أن تبدأ معالم قانون “الفجوة المالية” بالظهور. وقد بات واضحًا أنّ هذا القانون سيكون مفصليًّا في تحديد ملامح الإصلاح المصرفي وحقوق المودعين.

هذا القانون سيرسم خارطة الخسائر والمسؤوليات، وطرح طريقة توزيعها بين 4 أطراف، هي: الدولة، مصرف لبنان، المصارف.. وربّما المودعون. لكن ما ينبغي التأكيد عليه منذ الآن هو أنّ المشاركة المكثفة من مصرف لبنان هي بوصفه جهة تقدّم الخبرة والمشورة، وليست الجهة المهندسة للخطة.

وبينما يُنتظر وصول وفد صندوق النقد الدولي الأسبوع المقبل أيضًا، تُطرح أفكار عن قانون قد يؤدي إلى اعتراضات شريحة من المودعين. وفي هذه الحالة، من المهم أن يكون واضحًا، أن الحكومة ومعها المجلس النيابي، هما المسؤولان عن الخطة، وليس مصرف لبنان، أو حتى وزارة المالية أو وزارة الاقتصاد، وهما طرفان أساسيان حاليًا في الإعداد للقانون المنتظر.

قانون معالجة الفجوة المالية هو بالدرجة الأولى مسؤولية السلطتين التنفيذية والتشريعية: الحكومة التي تُقدّم المشروع، البرلمان الذي يقرّه، والدولة التي تتحمّل المسؤولية مع قسم من الأعباء. أمّا مصرف لبنان، فدوره الطبيعي في هذه المرحلة يبقى في إطار المشورة التقنية عبر تقديم الأرقام والتقارير، وشرح الأثر النقدي لأيّ بند، وتوضيح إمكان التطبيق العملي من عدمه. والمشاركة التفصيلية في صياغة الخطة لا تنقل مسؤولية وتبعات هذه الخطة إلى أي وزارة أو إلى مصرف لبنان، بل تبقى الدولة المسؤول الأول والأخير.

في المقابل، حماية المودعين يجب أن تكون محور النقاش في هذا التوقيت الدقيق. فالقوانين ينبغي أن تُصاغ بحيث تحمي صغار المودعين بالدرجة الأولى، وأن يُلقى العبء الأكبر على الدولة باعتبارها الجهة التي رسمت السياسات المالية والنقدية على مدى سنوات، وهي التي أوصلت الجميع إلى هذا الدرك.

التجارب السابقة أظهرت أنّ أيّ مساس واسع بالودائع سيعمّق أزمة الثقة، بينما المطلوب هو خطة تفتح الباب أمام إعادة هيكلة متدرجة، من دون ضرب القاعدة الشعبية التي تستند إليها أيّ عملية نهوض اقتصادي.

ومع اقتراب وصول وفد صندوق النقد الدولي، فإن المواجهة قد تصبح أوضح لحماية الودائع والحقوق. وهناك حاجة إلى خطة جديّة تقوم على إصلاحات هيكلية وتحميل المسؤوليات إلى حيث يجب أن تكون.

إنّ موقع مصرف لبنان في هذه اللحظة يتطلّب مقاربة دقيقة: الانخراط الكافي لتقديم صورة مالية واضحة، بهدف الوصول إلى خطة تحفظ التوازن الذي يحمي المصرف المركزي، ويحمي المودعين، ويضع النقاش في مكانه الطبيعي.

أخبار متعلقة :