موقع دعم الإخباري

وداعًا لـ”بطاقات الحزب الأمنية”

جاء في “الراي الكويتية”:

لم يَحجب دخانُ أول الحركات الاعتراضية في الشارع التي جاءت من قدامى القوى المسلحة تنديداً «بالسياسات الاقتصادية والمالية التي تنتهجها الحكومة» ومطالَبةً بتحسين الأوضاع المعيشية، الغيومَ الداكنةَ التي تتلبّد في سماء «بلاد الأرز» التي تنهمك حتى 12 تشرين الاول المقبل بـ «يومياتِ» الذكرى السنوية الأولى لاشتعال «حرب لبنان الثالثة» وما تخلَّلها من اغتيال الأمين العام السابق لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله وخليفته هاشم صفي الدين، قبل أن «تُعلَّق» في 27 تشرين الثاني على اتفاقِ وقف نارٍ أَبْقَتْه إسرائيل رهينةَ تفسيرَها لبنوده ولأولويةِ سحْب سلاح الحزب كشرطٍ لتطبيق التزاماتها في ما خص إنهاء اعتداءاتها وانسحابها من نقاط مازالت تحت احتلالها جنوب الليطاني وإطلاق الأسرى.

وإذ اعتُبر تَحَرُّكُ قدامى القوى المسلّحة (انضمتْ إليهم «رابطة موظفي الإدارة العامة») وقَطْعهم العديد من الطرق في الشمال (طرابلس والبترون) خصوصاً في بيروت ومحيط السرايا الحكومية بالإطارات المشتعلة، مع محاولة اقتحامها، مؤشراً إلى أنّ الدينامية الداخلية بدأت تستعيدُ أولوياتها الموازية لملف سلاح «حزب الله» الذي «أحيلَ» على خطة تنفيذية وضعها الجيش وستستمر مرحلتها الأولى (من 5) حتى نهاية كانون الأول ومسرحها جنوب الليطاني، إلا أنّ هذا «الفتيل» الجديد – القديم أثار خشيةً من إمكان تَحَوُّله بمثابة عنصرِ توتيرٍ متعدد الاستخدام وفي أكثر من اتجاه ولا سيما في ضوء تَزامُن الاحتجاجات التي أُعلن أنها ستتكرّر مع نشاطاتِ الحزب في «السنوية الأولى» على اغتيال نصر الله وصفي الدين.

وفيما حلّت أمس ذكرى تفجيرات «البيجر» التي وقعت عشية تفجير أجهزة اللاسلكي (التوكي ووكي)، وهما الهجومان المروّعان اللذان أَوْدَيا بالعشرات وتَسبّبا بجرْح نحو 4 آلاف بينهم مدنيون وقسم كبير منهم تعرّضوا لإصابات حرجة أدت إلى تشوّهاتٍ، لم يَعُدْ خافياً أنّ الانطلاقَ الرسمي للأنشطة وفق البرنامج الذي أعلنه «حزب الله» – أي في 25 الجاري الذي يسبق اغتيال نصرالله بيومين – بات محفوفاً بمَخاطر اجترار احتكاكاتٍ وتَظهير الانقساماتِ العمودية حيال ملف السلاح على المستوى «الأفقي»، مع ما يشكّله ذلك من تحدياتٍ على المستوى الأمني يُخشى أن تُفاقِم المَخاوف الكامنة أصلاً من انفلاتِ مسار حَصْرِ السلاح بيد الدولة من الضوابط التي توفّرها إدارة لبنان الرسمي لهذا العنوان بدرايةٍ بالغة.

وفي الوقت الذي يُفترض أن «تشهد» الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس بعض «تَوَهُّج» هذه الفاعليات، هي التي يُنتظر أن تزور بيروت خلال الأيام القليلة المقبلة (ربما الأحد) لمواكبة خطوات لبنان في ما خص ملف السلاح، الذي سيرفع الجيش تقريَره الشهري الأول في شأنه الى الحكومة في 5 أكتوبر المقبل، لم يتأخّر إعلان الحزب أن انطلاقة إحياء ذكرى نصرالله وصفي الدين ستكون بإضاءة صخرة الروشة في بيروت بصورتيهما مع فعاليات بحرية في إثارة صخب سياسي يُنْذِر بأن يَتَدَحْرَجَ وربما ينزلق إلى توترات ما لم تنجح الاتصالات في جعل الحزب يتراجع عن هذه «الصفحة» من جدول النشاطات، وسط صعوبة تَصَوُّر أن يقوم «بخطوةٍ إلى الوراء» في هذا الإطار في غمرة «التحشيد الشعبي» وصولاً إلى «اليوم الكبير» في 12 تشرين الأول.

غير مقبول

ولم يكن عابراً إعلان نائب بيروت وضاح الصادق (معارض لحزب الله) أن رفع صور نصرالله وصفي الدين على صخرة الروشة «غير مقبول من كل النواحي، فهما ليسا شخصيتين رسميتين، وتُرفع صورُهما في مدينةٍ يرفض غالبية سكانها سياستهما، بل إن بعضهم يتّهمهما بالاشتراك في قتل زعيمهم (الرئيس رفيق الحريري)، عدا عن أن الجهة التي أرادت رفع صورهما لم تستحصل على أي ترخيص من البلدية أو الوزارة. والأنكى أن حزبهما، كما جرت عادته، يحذر من الانجرار إلى حرب أهلية، لكنه لا يفوّت مناسبة إلا ويستفز البيارتة. ولا ينبغي أن ننسى أن اليوم المجيد (7 أيار 2008) مازال محفورا في ذاكرة أهل بيروت».

واعتبر الصادق في تصريح أن «على الحكومة، التي أظهرت قوة في قراراتها، أن تمنع الحزب وغيره من أي مظاهر استفزازية، صونا للسلم الأهلي».

بدوره، أشار رئيس «المركز الإسلامي للدراسات والإعلام» القاضي الشيخ خلدون عريمط في بيان إلى أن «صخرة الروشة على شاطئ العاصمة بيروت رمز وطني جامع لأبناء العاصمة وكل لبنان؛ وهي كأرز لبنان اجماعاً وشموخاً وثباتاً وصموداً ولن تكون مزاراً لحزب أو مركز دعاية أو تسويقا لتيار أو حركة سياسية أو طائفية تخص هذا الفريق أو ذاك من القوى السياسية في لبنان؛ فابْعِدوها عن المناسبات واليافطات والصور»، مضيفاً: «وما يشاع أو يقال عن نية البعض استخدامها لأغراض ودعايات وأهداف غير مقبولة وغير متّفَق عليها فهو برسم وزارة الداخلية والمحافظة والبلدية والعقلاء من اللبنانيين. أبعِدوا صخرة الروشة عن الشعارات المذهبية والطائفية ودعوها رمزاً لكل اللبنانين والعرب».

بطاقة اللجنة الأمنية

وفي حين ترافقت هذه المناخات مع تقارير عن «انتهاء صلاحية» بطاقة اللجنة الأمنية الصادرة عن وحدة الارتباط والتنسيق في «حزب الله» تجاه الأجهزة العسكرية والأمنية اللبنانية، في تعبيرٍ عن السريان المتلاحق لقرار الحكومة بحصْر السلاح بيد الدولة وتالياً سحْب الغطاء الشرعي عن «حزب الله» وكل حركته ووضعيته الأمنية والعسكرية، مضى الحزب في رفْع السقف بوجه الحكومة عبر اتهاماتٍ متواصلة لها بأن «بعض مَن فيها لا عمل له سوى تنفيذ املاءات خارجيَّة، ويحاول تعمية الحقائق من خلال انتقاء ما يناسبه من البيان الوزاري، ويتجاهل التزاماته الحقيقية» كما أعلن النائب حسن فضل الله، مذكراً بأولوية وقف الاعتداءات والانسحاب وردع المعتدي.

ولفت فضل الله إلى أن «جيش الاحتلال الإسرائيلي بات يحتل ما مساحته مئة كلم مربَّع من الأراضي اللبنانيَّة على طول الحدود الجنوبيَّة، ويقيم منطقة عازلة يمنع فيها أي شكل من أشكال الحياة كما يفعل مع العديد من القرى الحدوديَّة، وفي الوقت نفسه يواصل أعمال القتل اليوميَّة ضدَّ المواطنين اللبنانيين من دون أن تقوم الحكومة بأي خطوات عمليَّة ورفع الصوت دوليّاً على الأقل لمواجهة سفك دماء مواطنيها، بل تتجاهل ما التزمته في بيانها الوزاري في العديد من النقاط، بينما لا عمل لبعض من فيها سوى الحديث عن مفردة جزئيَّة في عمليّة انتقائيَّة مبتورة من سياق عام يقع ضمنها اقرار استرتيجية أمن وطني، وينسى ما كُتب في البيان وما أقرَّه اتفاق الطائف من حقِّ المقاومة، غير المعنيَّة ببند سحب سلاح الميليشات».

وأشار إلى «تعمُّد الحكومة تجاهل ملف إعادة الإعمار حيث لم تُضَمِّن موازنتها أي اعتمادات في هذا الشأن»، مطالباً إياها «بالايفاء بتعهداتها في هذا المجال خلال جلسات مناقشتها للموازنة العامَّة».

ملف الانتخاباتِ النيابية

وفي موازاة انشداد الأنظار إلى الزيارة التي سيقوم بها الرئيس جوزف عون الأسبوع المقبل لنيويورك، حيث يترأس وفد لبنان إلى اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وإلى اللقاءات التي سيعقدها وهل ستشمل الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تصاعد الاهتمامُ بملف الانتخاباتِ النيابية في ضوء بدء سباقِ المُهل الذي تقترب معه «ساعة الحقيقة» بإزاء الاتجاه الذي سيرسو عليه اقتراع المغتربين، هل وفق الصيغة التي اعتُمدت في استحقاق 2022 حين عُلّق العمل بالمادة 122 التي تقضي باستحداث 6 مقاعد للانتشار تضاف الى الـ 128 ناخباً ويختارها المقيمون في الخارج، أم على قاعدة «تفعيل» هذه المادة التي أُقِرّت حين وُضع قانون 2017 الانتخابيّ.

وكانت الحكومة قذفت كرة بتّ هذه المسألة على البرلمان، بعدما اعتَبر تقرير اللجنة الوزارية التي كُلّفت درس الاقتراحات والتعديلات على قانون الانتخاب أن عدداً من النقاط تتطلب تدخل المشرّع من أجل استكمال الإطار القانوني ومعالجة الثغر والتضارب التشريعي خصوصاً تلك المتعلّقة باقتراع المغتربين كما بـ «الميغا سنتر».

وقد دعا الرئيس نواف سلام اللبنانيين في الخارج إلى التسجيل للاقتراع، قائلاً «ليسجلوا في جميع الأحوال وسنعرف قريباً إذا كانت المقاعد المخصصة لهم ستبقى 6 مقاعد مستقلّة أم سيصوّتون ضمن دوائرهم الانتخابية في لبنان».

علماً أن «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» يضغطان في اتجاه «عزل» كتلة الاغتراب المؤيدة في غالبيتها الكبرى لخصومهما، عن صناديق الاقتراع في الداخل وحصْر أصواتها بـ 6 مقاعد عوض الـ 128، خصوصاً بعدما ظهّرت انتخابات 2022 قدرة المنتشرين على التأثير النوعي في مسار الانتخابات وتوازناتها.

أخبار متعلقة :