أخبار عاجلة

لبنان يدرس خيارات التفاوض مع إسرائيل

لبنان يدرس خيارات التفاوض مع إسرائيل
لبنان يدرس خيارات التفاوض مع إسرائيل

كتب داود رمال في “الأنباء” الكويتية:

يجد لبنان نفسه اليوم أمام مفترق دقيق في مقاربته لمسألة التفاوض مع إسرائيل، حيث تتقاطع الضرورات الميدانية والسياسية مع الثوابت الوطنية التي أرساها منذ اتفاق الهدنة عام 1949.

فالبلد، الذي لا يزال رسميا في حالة حرب مع اسرائيل، يتمسك بمبدأ التفاوض كخيار ضروري لتثبيت وقف إطلاق النار وترسيم الحدود، لكنه في الوقت عينه يصر على أن يكون هذا التفاوض غير مباشر وتحت مظلة الأمم المتحدة أو وساطة دولية، حفاظا على خطه السيادي الراسخ ورفضا لأي مظهر من مظاهر التطبيع.

وقال مصدر وزاري لـ «الأنباء»: «في المشهد اللبناني الراهن، لا يبدو الخلاف على مبدأ التفاوض بقدر ما يتمحور حول شكله وحدوده القانونية والسياسية. فبين من يرى في الجلوس المباشر على الطاولة الواحدة مؤشرا على اعتراف سياسي مرفوض، ومن يعتبر أن الشكل ليس جوهر المسألة طالما أن الهدف هو تثبيت الحقوق وحماية السيادة، تتجدد الإشكالية القديمة وهي: هل التفاوض وسيلة أم تنازل؟ الواقع أن التجربة اللبنانية الممتدة من اتفاق الهدنة إلى تفاهم نيسان 1996، مرورا بمفاوضات ترسيم الحدود البحرية عام 2020، تظهر أن بيروت لطالما تعاملت مع المفاوضات كآلية تقنية أو أمنية، لا كمسار سياسي يرسم علاقة جديدة مع إسرائيل».

وأضاف المصدر: «منذ عقود، اعتمد لبنان نمطا تفاوضيا خاصا، يقوم على «الوسيط» لا «الشريك»، وعلى «المسافة القانونية» لا «التقاطع السياسي». هذه الصيغة تعتبر جدار حماية سيادي يمنع انزلاق الحوار إلى اعتراف أو تطبيع مقنع. حتى هندسة القاعة في الناقورة، كانت تجسد فلسفة لبنانية دقيقة في إدارة الصراع بالحوار لا بالتسليم، بحيث يكون التواصل عبر قناة الأمم المتحدة لا عبر مواجهة مباشرة مع الوفد الإسرائيلي».

وأوضح المصدر انه «مع كل جولة تفاوض جديدة، يبرز الجدل ذاته حول الفارق بين «المباشر» و«غير المباشر»، لكن التجارب السابقة أثبتت أن المسألة الأهم ليست في الجلوس أو في شكل الطاولة، بل في مضمون النقاش ومحدودية المواضيع المطروحة. فلبنان، حين تفاوض عبر الوساطة، فعل ذلك ضمن ملفات محددة تتعلق بترسيم حدود أو تنفيذ قرارات دولية، وليس في سياق تفاوض سياسي شامل يطال طبيعة العلاقة بين البلدين. ومن هنا تنبع أهمية الفصل بين «الوظيفة التقنية للتفاوض» و«الخطر السياسي الكامن فيه» إذا تجاوز حدوده القانونية».

ورأى المصدر ان «الخشية اليوم تكمن في أن أي تبدل في الشكل أو رفع لمستوى التمثيل قد يتحول إلى مدخل لتطبيع تدريجي، يضعف الورقة اللبنانية الأقوى المتمثلة في رفض الاعتراف. فكل تراجع عن صيغة الوسيط الدولي أو المفاوضات غير المباشرة يفقد بيروت القدرة على المناورة، ويحول طاولة النقاش إلى مساحة تفرض فيها إسرائيل شروطها. لذا، فإن أي خطوة تفاوضية يجب أن تسبقها معادلة واضحة تقول لا تفاوض قبل تثبيت سقف المطالب الإسرائيلية وضمان عدم تجاوزه، وإلا يصبح الحوار فخا سياسيا مقنعا».

من هذا المنطلق، فإن التمسك اللبناني بالتفاوض غير المباشر لا يعكس تصلبا أو رفضا للحلول، بل وعيا لتجارب التاريخ وحدود القانون الدولي. فالمسألة ليست رفضا لمبدأ الحوار، بل دفاعا عن جوهر السيادة وحق الدولة في أن تفاوض من موقع الندية لا الضعف. ولعل التحدي الأعمق يكمن في أن يظل التفاوض أداة لحماية الحدود، لا جسرا لتغيير المعادلات. ففي لحظة إقليمية معقدة تتقاطع فيها التسويات والضغوط، يبدو أن لبنان يحاول الحفاظ على معادلته الأصعب وهي الانفتاح التكتيكي دون التفريط بالثوابت، والتفاوض عند الحاجة دون المس بجوهر السيادة الوطنية.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق سعي رئاسي لتفادي أزمة بشأن تعديل قانون الانتخابات النافذ
التالى سيدة تتسبب بحريق في محطة وقود! (فيديو)