أخبار عاجلة
عون: فرص حقيقية لإعادة النهوض بلبنان! -

تصريحات برّاك بين الحرب والسلام… ولبنان في مرمى الرسائل

تصريحات برّاك بين الحرب والسلام… ولبنان في مرمى الرسائل
تصريحات برّاك بين الحرب والسلام… ولبنان في مرمى الرسائل

كتب ريشار حرفوش في “نداء الوطن”:

في لحظةٍ سياسية وأمنية شديدة الحساسية، أثار الموفد الأميركي توم برّاك عاصفة من النقاش بعد مواقفه الأخيرة التي خصّ فيها لبنان وسوريا بالاسم، واضعًا إياهما في قلب خريطة “السلام المقبل” في الشرق الأوسط، هذا الكلام لم يكن عابرًا، لا في توقيته ولا في مضمونه، إذ حمل في طيّاته رسائل مباشرة تتقاطع مع مسار متصاعد من التوتر بين “حزب الله” وإسرائيل، وسط أحاديث متزايدة عن احتمال اندلاع مواجهة جديدة.

وفي تغريدته المعنونة “Syria and Lebanon Are the Next Pieces for Levant Peace”، دعا برّاك إلى “استكمال السلام” شمالًا، معتبرًا أن سوريا استعادت استقرارها من خلال الانفتاح والتطبيع، وأن القطعة الثانية في فسيفساء السلام يجب أن تبدأ من لبنان.

أما الموقف الأكثر صراحة، فكان في إشارته إلى أن نزع سلاح “حزب الله” يشكّل المدخل الإلزامي لأي استقرارٍ دائم، وأن على بيروت أن “تستعيد سيادتها الكاملة قبل أن تُفرض عليها من الخارج”، محذرًا من أن استمرار السلاح خارج الدولة سيجعل إسرائيل تتحرك منفردة.

كما ربط برّاك بشكل واضح بين هذا الواقع وبين الانتخابات النيابية المقبلة في أيار 2026، معتبرًا أن أي حربٍ محتملة قد تدفع “الحزب” إلى تأجيل الاستحقاق “تحت ذريعة الأمن القومي”، ورغم حِدّة الطرح وجرأة المواقف التي تضمّنتها تغريدة برّاك، لم يصدر حتى اللحظة أي ردّ رسمي أو موقف سياسي مباشر من أبرز الكتل النيابية اللبنانية حيال ما قاله برّاك.

وفي هذا الصدد، قامت “نداء الوطن” باستطلاع آراء عددٍ من الكتل السياسية حول هذه التصريحات وما تحمله من دلالات في هذا التوقيت الدقيق، فكانت المواقف على الشكل الآتي:

“التيار”: وضعونا بين “المطرقة والسندان”

من جهته، أشار النائب سليم عون إلى أنّ برّاك وضع لبنان “بين المطرقة والسندان”، قائلاً: “هم يقولون لنا علنًا إن عليهم تأمين مصالح إسرائيل، فإمّا أن تحققوا ذلك من خلال الاقتتال الداخلي وتدمير لبنان، وإمّا ستتعرضون لضربات إسرائيل الجاهزة للحرب”. أضاف أن تل أبيب تُلوّح بالحرب في حال لم يُنفذ لبنان ما يُطلب منه، ما قد يؤدي إلى تأجيل الانتخابات النيابية بحجة غياب الاستقرار السياسي. وختم قائلًا: “وضعنا صعب، ولا قدرة لنا على مواجهة دولة كبرى، لكن موقفنا يجب أن يكون موحّدًا، وبقوة الحق سنقف بوجه كل من يريد الحرب”.

“الاشتراكي”: لكبح العدوانية الإسرائيلية أولًا

أما النائب بلال عبدالله، باسم كتلة “اللقاء الديمقراطي”، فرأى عبر “نداء الوطن” أنه بعد اتفاق غزة عاد الحديث عن مسار تفاوضي مع إسرائيل، مؤكّدًا أنّ فخامة رئيس الجمهورية أبدى التزام لبنان بمبدأ التفاوض، لكن القلق لا يزال قائمًا حول شكل هذا التفاوض وأُسسه.

وشدّد عبدالله على أن أي مسار تفاوضي لا يمكن أن يتم تحت الضغط أو في ظلّ استمرار العدوان الإسرائيلي اليومي، معتبرًا أنّ “الحديث عن اتفاق في هذه الظروف هو خضوع غير مقبول”.

كما أشار إلى أن الجيش ينتشر في جنوب الليطاني وبدأ انتشاره شماله بانتظار المساعدات التي لم تصل بعد، داعيًا واشنطن إلى اتخاذ موقف واضح يرفض العدوان الإسرائيلي ويمنح الدولة اللبنانية فرصة ممارسة سيادتها من دون ابتزاز، وردًا على كلام برّاك قال إنّ “الاستقرار لا يُبنى بالإذعان بل بتكريس السيادة”.

“أمل”: لبنان قام بكل واجباته

وفي المواقف أيضًا، رأى عضو كتلة التنمية والتحرير النائب قاسم هاشم عبر “نداء الوطن” أنّ “لغة التهديد التي استخدمها برّاك ليست جديدة”، معتبرًا أنّه يتحدث “وكأنه بلسانٍ إسرائيلي”.

وأكد أن لبنان يعرف جيدًا مصلحته ويعمل على تحقيقها من دون الحاجة إلى الوصاية أو الوعد، مشيرًا إلى أن بيروت كانت تتوقع من واشنطن مبادرات إيجابية تدفع باتجاه تنفيذ التزامات الجانب الإسرائيلي بموجب اتفاق وقف العدوان.

وأوضح أن “لبنان قام بكل واجباته، وكان ينتظر خطوات مقابلة لا مواقف تصعيدية”، مشدّدًا على أن السيادة الكاملة لا يمكن تحقيقها ما دام الإسرائيلي لا يزال جاثمًا على مساحات من الجنوب”.

“السياديون” مع المشروع الأميركي لمواجهة النفوذ الإيراني

مصادر سيادية علّقت على كلام برّاك بالتالي: “الموقف ليس بالجديد، وهو يمثل الرغبة الأميركيّة بشرق أوسط جديد”.

واكتفت بالقول: “أهداف المشروع الأميركي مواجهة النفوذ الإيراني وتعزيز أمن الحدود الشمالية لإسرائيل لا سيما وأن القدرات العسكرية لـ “الحزب” تشكل تهديدًا للداخل اللبناني كما لإسرائيل”.

موقف برّاك يعبّر عن مواقف البيت الأبيض

واعتبرت مصادر سياسية متابعة عبر “نداء الوطن” أن تصريحات برّاك لم تكن مفاجئة، مؤكدةً أن كثيرين لم يدركوا أنها لا تعبّر عن موقف شخصي فحسب، بل عن توجه واضح لدى الإدارة الأميركية. وأوضحت المصادر أنها سألت أحد المقربين من الدائرة الضيقة للرئيس الأميركي دونالد ترامب، وهو من أصل لبناني، فأكد أن برّاك صديق لترامب وأن مواقفه تعكس توجهات البيت الأبيض بشكل مباشر.

أما بشأن الانتخابات النيابية، فأشارت المصادر إلى أن جميع الاحتمالات تبقى مطروحة، بما في ذلك إمكان التأجيل إذا ما فُرضت ظروف أمنية أو تقنية تحول دون إجرائها في موعدها.

في المحصّلة، لا يمكن فصل تصريحات برّاك عن التحوّل الحاصل في السياسة الأميركية تجاه المنطقة، ولا عن المساعي الغربية لإعادة رسم خريطة النفوذ في الشرق الأوسط، فلبنان، الذي يعيش اليوم على حافة الانفجار الاجتماعي والسياسي، يجد نفسه مجددًا في قلب المعادلة: بين دعواتٍ إلى السلام والانفتاح من جهة، ومخاوف من مواجهةٍ عسكرية تلوح في الأفق من جهةٍ أخرى، وفيما يستعدّ لبنان لاستقبال البابا لاوون وسط دعواتٍ للسلام والتهدئة، تزداد التساؤلات حول قدرة البلاد على تجنب شبح الحرب، في وقتٍ تُقرأ فيه كلمات برّاك كإنذارٍ مبكّر، أو ربما كإشارةٍ إلى ما يُحضر له خلف الكواليس… بين سلامٍ يُبنى على التفاهمات، وحربٍ قد تشتعل.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق “الثنائي” خارج مسرح التفاوض: الرد بالعرقلة
التالى يزبك: المجلس النيابي هو مجلس الشعب