كتبت بولا أسطيح في “الشرق الأوسط”:
يخشى كثير من اللبنانيين أن يستدعي تصلب «حزب الله» في رفض تسليم سلاحه موجة جديدة من الحرب الإسرائيلية على لبنان، متمنين أن يحذو حذو «حماس» في غزة، رغم أنه كان قد فتح «جبهة الإسناد» رابطاً مصير لبنان بمصير غزة.
لكن لا يبدو أن موافقة حركة «حماس» على الخطة الأميركية التي يفترض أن تسلم بموجبها سلاحها وتحل جناحها العسكري، ستنعكس على موقف «الحزب» الذي لا يزال متشدداً ومتصلباً رافضاً تسليم سلاحه، وهذا ما يرجح، وفق عدد من الخبراء والمتابعين مواقفه من كثب، أن يكون بذلك يستدعي جولة جديدة من الحرب الإسرائيلية التي قد لا تتأخر.
لا تراجع عن «حصرية السلاح»
ورغم كل المواقف التصعيدية التي يطلقها مسؤولو «حزب الله»، فإن الحكومة اللبنانية كانت ولا تزال ملتزمة تطبيق قرار «حصرية السلاح»، وفق ما تقول مصادر رسمية لـ«الشرق الأوسط»، لافتة إلى أن «الكرة الآن في ملعب الجيش اللبناني الذي قدّم تقريره الأول عن تنفيذ هذه المهمة، وستكون له تقارير شهرية لتبيان كيفية تقدم الأمور».
أما عن موعد الانتهاء من «حصر السلاح»، فشددت المصادر على «عدم وجود مهل زمنية يمكن أن تضعها السلطة السياسية، باعتبار أن قيادة المؤسسة العسكرية هي التي تقرر في هذا المجال تبعاً للمعطيات والظروف على الأرض».
لا استسلام ولا تسليم
وهذا الواقع يتحدث عنه أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأميركية في بيروت، الدكتور هلال خشان، قائلاً: «التجمّع الكشفي الذي أقامه (الحزب) يوم الأحد، تحت عنوان (أجيال السيد) في (المدينة الرياضية) وحشد فيه الآلاف، مؤشر على توجهاته المقبلة. فـ(الحزب) لديه عقيدة جهادية، وبالتالي التخلي عن السلاح غير وارد في قاموسه، وهم أصلاً لم يعترفوا بالهزيمة، ولن يعترفوا بها».
ويرى خشان في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «(الحزب) حسم خياراته؛ فلا استسلام ولا تسليم. كما أنه يعدّ نفسه لاعباً فاعلاً في البلد، وبالتالي لم يفقد أوراق قوته»، مضيفاً: «حاول رئيس الجمهورية، جوزيف عون، إقناعه بتسليم سلاحه بالدبلوماسية، لكنه يئس منه، ولذلك أطلق مؤخراً مواقف لافتة فيما يتعلق بالتفاوض مع إسرائيل».
ويجزم خشان بأن «الحرب آتية»، لافتاً إلى أن الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، «كان واضحاً عندما تحدث عن فرض السلام بالقوة وليس بالانتظار». ويضيف: «السلام بين العرب وإسرائيل مستحيل في المرحلة الراهنة. وحتى لو كانوا العرب يريدون السلام، فالمجتمع الإسرائيلي مجتمع استيطاني متدحرج لا يريد السلام، وهذه أجندة تاريخية معروفة لإسرائيل».
ويعدّ خشان أنه «مهما استعد (حزب الله) لأي مواجهة مقبلة مع إسرائيل، فلا موازين قوى ولا قدرة على الإطلاق لديه للتصدي لها. أما توقيت الحرب، فلا شكّ في أنه بيد إسرائيل. وبغض النظر عما إذا كانت قبل نهاية 2025 أم بعدها، فإن نفَس الإسرائيليين قصير، وأعتقد أن الحرب ستكون بعد ضمان تطبيق اتفاق غزة»، مضيفاً: «الحرب الإسرائيلية – الإيرانية غير مستبعدة، أما الحرب بين إسرائيل و(حزب الله) فحتمية».
تحصين دوره السياسي
من جهته، يرى الأستاذ المحاضر في الجيوسياسة، العميد المتقاعد خليل الحلو، أن «أداء ومواقف (حزب الله) و(حماس) يؤكدان أن القبول بالاتفاقات شيء والنيات والتطبيق على الأرض شيء آخر. هذا ما حصل مع (حزب الله) بعد اتفاق وقف النار في تشرين الثاني 2024، وهذا ما يحدث مع (حماس) اليوم من خلال سعيها إلى بسط سيطرتها الأمنية على القطاع مجدداً».
ويشير الحلو في حديث لـ«الشرق الأوسط» الى أن «إيران تواصل دعم (حزب الله) و(حماس)، ومن هنا يأتي تصلب وتشدد (الحزب)، الذي يبدو واضحاً أنه لن يُسلّم سلاحه بالحسنى». ويضيف: «لن يوفر (حزب الله) أي فرصة لتحصين دوره السياسي والحفاظ على مكاسبهم السياسية، وللإبقاء على مخازن أسلحة وإخفائها… فصحيح أنه هزم، لكن هزيمته ليست كاملة، فهو لا يزال موجوداً، وأعاد تنظيم صفوفه، ولديه قاعدة شعبية، وله حد أدنى من التمويل».
«واقع غزة لا يسري على لبنان»
في المقابل، يؤكد الكاتب السياسي الدكتور قاسم قصير، المطلع من كثب على موقف «حزب الله»، أن «(الحزب) متمسك بسلاحه ما دام هناك احتلال إسرائيلي واعتداءات إسرائيلية»، لافتاً، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «الوضع في غزة مختلف عن الوضع في لبنان، وبالتالي ما حدث هناك لا يمكن أن يسري على الواقع اللبناني؛ مما يجعل موقف (الحزب) على حاله قبل وبعد اتفاق وقف النار بمسعى أميركي في القطاع».