أخبار عاجلة
انفجار سيارة أمام مركز تجاريّ في الإكوادور -
إرتياح دبلوماسي غربي واسع لمواقف عون -
تنويهٌ دولي بحصر السلاح… اطمئنان لا يُطَمئن -
ضباط من نظام الأسد في بيروت… وأدوار أمنية مشبوهة! -
إشارات مقلقة… هل يفشل اتفاق غزة؟ -
“نصيحة” من السيستاني إلى نصرالله قبل اغتياله -

من سليماني إلى قاآني… كيف قادت إيران “الحزب”؟

من سليماني إلى قاآني… كيف قادت إيران “الحزب”؟
من سليماني إلى قاآني… كيف قادت إيران “الحزب”؟

كتب نجم الهاشم في “نداء الوطن”:

منذ ما قبل اغتيال السيد حسن نصرالله كان يتمّ التركيز في خطابات “حزب الله” والمحيطين به على المركز المتقدّم الذي كان يضعه فيه مرشد الجمهورية الإسلامية في طهران الوليّ الفقيه السيد علي خامنئي. الهدف كان للدلالة على الموقع العالي الذي يتمتّع به نصرالله ويصل إلى حدّ أنّ الوليّ الفقيه يعتمد ما يقرّره في لبنان والمنطقة، وأنّ إيران لم تكن هي التي تملي عليه ما يجب أن يقوم به، كان القرار متروكًا له. ولكن في الواقع العملي على الأرض لم تكن قيادة الوليّ الفقيه غائبة عن الساحة اللبنانية في أيّ مرحلة وفي أيّ وقت. دائمًا كان هناك من يمثّل “الحرس الثوري” و”فيلق القدس” في قيادة “حزب الله”.

في مقابلة على قناة “الميادين” تحدّث عبدالله صفيّ الدين، ممثل “الحزب” في طهران منذ 35 عامًا، وشقيق السيّد هاشم صفيّ الدين، عن الحظوة التي كان يتمتّع بها نصرالله في طهران وعن أنّ السيّد الخامنئي كان ينتظر زياراته له، وينشرح ويرتاح عندما يكون في إيران، وأنّه في زيارة له عام 2020 خلال جائحة كورونا، نزع الخامنئي الكمامتين عن وجهه وعن وجه نصرالله وعانقه من دون خوف. ولكن في الحديث نفسه قال عبدالله إنّ نصرالله كان يطلب الإذن من الخامنئي قبل أي زيارة له إلى طهران، وكان يلتقي ممثلًا عنه ليطلعه على ما يريد أن يبحثه معه قبل اللقاء به، وإن كان على سبيل الإطلاع فقط لا على سبيل أخذ الموافقة المسبقة. عبدالله تحدّث أيضًا عن أنّ إيران قدّمت المساعدة إلى “الحزب” خلال مرحلة التأسيس واستمرّت في تلبية ما يطلبه من دعم في كل المجالات.

بين سليماني ونيلفروشان

الواقع أن “حزب الله” بقي منذ تأسيسه معتمدًا على الدعم الإيراني. ومنذ التأسيس لم تترك إيران “الحزب” وبقيت ترسل من يشرف عليه. وإلّا كيف يمكن تفسير وجود عدد من قادة “الحرس الثوري” و”فيلق القدس” في شكل دائم في قيادة “الحزب” في الضاحية الجنوبية؟ هذا الوجود مثله في حرب تموز 2006 الجنرال قاسم سليماني قائد “فيلق القدس”، الذي اغتالته واشنطن في 3 كانون الثاني 2020 في العراق قبل انتهاء ولاية الرئيس دونالد ترامب الأولى. وقد روى تجربته مع نصرالله في هذه “الحرب” قبل أشهر من اغتياله، وهو كان يدير ساحات لبنان وسوريا والعراق واليمن.

كان من اللافت أن يكون الجنرال في “الحرس الثوري الإيراني” عباس نيلفروشان مدير العمليات الخارجية في “فيلق القدس” في المُنشأة التي اغتيل فيها نصرالله. بعد 14 يومًا على الكشف عن أنّ نصرالله قضى في غارة 27 ايلول 2024، أعلنت إيران في 11 تشرين الأول، عن العثور على نيلفروشيان. لم يتمّ الكشف عن الطريقة التي اعتُمدت للوصول إليه ولا عن طريقة انتشال جثته، ولا عن الفريق الذي تولّى هذه المهمة. ولم تُعطِ أيّ تفسير عن المكان الذي كان فيه في المقرّ السري للسيّد نصرالله وعن سبب عدم العثور عليه يوم العثور على نصرالله في اليوم التالي لاغتياله. وبالتالي لماذا استغرقت عملية العثور عليه 14 يومًا؟ منذ لحظة الإعلان عن استهداف نصرالله كان بدأ الحديث عن ربط مصيره بمصير هذا الجنرال الإيراني، وعن أنّه قضى معه. ولكن اللافت أن إيران أرسلت فورًا، وبعد يومين من الاغتيال، الجنرال محمد أيزدي،(الحاج رمضان)، مسؤول ملف فلسطين، ليشرف على قيادة “الحزب” في ظلّ فقدان التوازن وقوة الردع واغتيال القادة.

عندما اختفى قائد “فيلق القدس”

في 5 آب 2025، كشف الشيخ نعيم قاسم، أمين عام “الحزب”، عن هذا التطور، وكان يتحدّث في ذكرى مرور أربعين يومًا على اغتيال إسرائيل لأيزدي في مدينة قم في إيران في 21 حزيران 2025. “حزب الله” ‏تقدّم “بالتعازي إلى قائد الثورة الإسلامية في إيران، السيد علي خامنئي، وإلى حرس الثورة والشعب الإيراني باستشهاد القائد الكبير اللواء محمد سعيد أيزدي (الحاج رمضان)”. وتطرّق إلى “دور هذا القائد وهو ‏مسؤول ملف فلسطين والقدس في منطقتنا، وقد عاش بيننا لعشرات ‏السنين مجاهدًا وداعمًا ومطوّرًا، سخّر خلالها كل طاقاته وإمكاناته في سبيل خدمة ‏المقاومة الفلسطينية…”.

الحديث عن “عيشه عشرات السنين بيننا” يصف بشكل دقيق مسألة الوجود الإيراني في قيادة “الحزب”. هذا الوجود خلال حرب الإسناد لم يقتصر على الجنرال نيلفروشان. بعد اغتيال نصرالله اختفى قائد “فيلق القدس” في الحرس الثوري الإيراني اسماعيل قاآني الذى تولّى القيادة خلفًا لقاسم سليماني. أحاط الغموض الكبير بسرّ غيابه وسرت إشاعات كثيرة تقول إنّه اغتيل مع نصرالله لأنّه كان إلى جانبه في مقرّه وقت الغارة الإسرائيلية. ثم قيل إنّه معتقل في إيران لأنّه كان عميلًا للموساد الإسرائيلي، وهو الذي كشف مكان نصرالله ومكّن إسرائيل من اغتياله، وأنّه أيضًا كان وراء عمليات الإغتيال التي نفّذتها إسرائيل في إيران، ومن بينها اغتيال رئيس المكتب السياسي في حركة “حماس” اسماعيل هنيّة في 31 تموز 2024. وقد نشرت وسائل إعلام غربية معلومات لم تثبت صحتها، عن تعرّضه لأزمة قلبية أدّت إلى وفاته خلال التحقيق معه.

لم يظهر قاآني من جديد إلا في 15 تشرين الأول 2024 خلال مراسم تشييع نيلفروشان في ساحة الإمام الحسين في طهران. كان طريق دمشق لا يزال مفتوحًا وتمكّنت طهران من نقله من لبنان. ربما لم يكن قاآني في لبنان عند اغتيال نصرالله ولكنّه كان معه بعد عملية طوفان الأقصى في 7 تشرين الأول 2023.

دخل إلى لبنان ولكن متى خرج؟

في 4 تشرين الأول الحالي في مقابلة بثتها شبكة تسنيم التابعة لـ “الحرس الثوري” والتلفزيون الحكومي، تحدّث قاآني عن كواليس عملية 7 أكتوبر 2023 وعن دور نصرالله في “الحرب”. قال: “عندما بَدَأَت (الحرب)، كنت أدخل إلى لبنان، وكنت أفكّر كيف أفتح هذا الموضوع مع السيد حسن نصر الله، وماذا يجب أن نفعله أو لا نفعله. لكن قبل أن أتكلّم، لاحظت أنه، ومنذ اللحظة الأولى، كان منغمسًا بالكامل في التفكير”.

وتابع قاآني: “لا نحن، ولا نصرالله، ولا حتى قادة “حماس” الرئيسيون، كانوا على علم مسبق بالتوقيت الدقيق للعملية… إسماعيل هنيّة كان في طريقه إلى المطار متّجهًا إلى العراق، وعلم ببدء العملية أثناء عودته… نصرالله بعد تلك اللحظة بدأ التخطيط مبكرًا لمرحلة ما بعد (طوفان الأقصى)”.

وبشأن الضغوط التي يتعرّض لها “حزب الله” في لبنان، اعتبر قاآني أنه يزداد قوة وثباتًا، وأنه يمثل قوة كبيرة في المنطقة، وهو في صعود سريع لا يمكن كسره أو إضعافه.

ردًّا على الأخبار عن تعرضه لمحاولة اغتيال، قال: “كلّها إشاعات… كنا نتصرّف بطريقة تمنع العدو من كشف الاتصالات بسهولة”. وكشف قاآني أن نصرالله، لم يُقتل فقط بالقنابل الضخمة التي استُخدمت في الهجوم، بل بفعل مواد كيميائية. مشيراً إلى أن “حزب الله” صمد خلالها 66 يوماً ونجح في قلب معادلات الميدان.

وتابع: “كانت كل منطقة في لبنان تحتوي على وحدات مختلفة ومراكز قيادة منفصلة، وحتى الوحدات الأصغر التي تُسمى “بقعة”، كانت لديها مهمة محدّدة، وخطّ تمويل، والإمكانيات اللازمة، وأفراد ملمّون تمامًا ومكتفون ذاتيًا ينفذون العمليات دون الحاجة إلى أمر مباشر”.

وعن صفي الدين قال: “رغم أن اتصاله التنفيذي كان أكثر مع القسم العسكري، إلا أنه كان يتدخل أيضًا في تسوية الإجراءات العسكرية، وقبل اغتيال السيد، كان يتدخل أساسًا فقط في الحالات التي يأمر بها السيد”.

تنظيم انتقال السلطة

حديث قاآني عن السرية ومنع إسرائيل من كشف الاتصالات لم يمنع إسرائيل من اغتيال عدد كبير من قادة “الحرس الثوري” والعلماء النويين في قلب طهران وغيرها من المدن الإيرانية ومن بينهم اللواء أيزدي. ولم يعرف مثلًا لماذا لم تنجح في اغتيال قاآني وما إذا كانت استهدفته حقًّا.

هل كان قاآني في لبنان قبل اغتيال نصرالله؟ أم جاء بعد الاغتيال؟ وهل كان حضور الجنرال أيزدي كافيا لترتيب عملية انتقال الأمانة العامة من السيد نصرالله إلى السيد هاشم صفي الدين، ثم إلى الشيخ نعيم قاسم؟ كل هذه العملية حصلت بين اغتيال نصرالله في 27 أيلول وظهور قاآني في تشييع أيزدي في طهران في 15 تشرين الأول 2024.

عندما بدأت الحرب الإسرائيلية الأميركية ضد طهران في حزيران 2025 كانت إيران تحاول إعادة تنظيم قيادة “الحزب” وقواعده. لا شك في أن الدعم العسكري الذي كانت تقدّمه عن طريق البرّ بات تأمينه أصعب بكثير. على رغم ذلك أكّد الشيخ نعيم قاسم في أكثر من مناسبة أنّ “الحزب” استعاد عافيته وأعاد بناء هيكليته العسكرية ورفض الإلتزام بقرار نزع سلاحه. هذا الرفض كان مصدره من مركز القرار الذي يدير “الحزب” في طهران. تعويضًا عن هذا النقص في إعادة التسليح اتجه الحزب نحو الحشد الشعبي. ظهَّر هذا التوجه في أكثر من مناسبة أهمّها تشييع الأمينين العامين نصرالله وصفي الدين في 23 شباط 2025 ثم في حشد “كشافة المهدي” في المدينة الرياضية في 12 تشرين الأول الحالي تأكيدًا على أن الحزب مستمر مع “أجيال السيد”.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق “الميكانيزم” تجتمع على وقع اتفاق غزة: الموقف الأميركي أساسي
التالى يزبك: المجلس النيابي هو مجلس الشعب