كتب معروف الداعوق في “اللواء”:
لم تصدر دعوة الامين العام لحزب الله نعيم قاسم للمصالحة مع المملكة العربية السعودية مستغلا الضربة الاسرائيلية لدولة قطر، وتداعياتها ومخاطرها على دول المنطقة كما اراد الايحاء بذلك، ظاهريا، ولكن يبدو ان اللقاء الذي جمع ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان مع الرئيس الايراني مسعود بزشكيان على هامش القمة العربية والاسلامية التي انعقدت في العاصمة القطرية، لمناقشة مخاطر وتداعيات الاعتداء الاسرائيلي على الدوحة، وبعدها اعلان مسؤول ايراني بارز تواصل النظام الايراني مع ادارة السوري احمد الشرع، واستعداد طهران للانفتاح واقامة علاقات معه، كانت من الاسباب الرئيسة التي دفعت قاسم، لتوجيه هذه المبادرة والاستعداد لفتح صفحة جديدة بالعلاقات مع المملكة آملا في استغلالها، لالتقاط الانفاس وفك طوق الحصار المفروض عليه من كل جانب.
ولكن هناك وقائع ومتغيرات دراماتيكية عربية واقليمية مهمة استوجبت على قاسم المبادرة الى هذه الدعوة ايضا واهمها، ضعف حالة الحزب وحجمه ووقوته بعد الهزيمة التي تعرض لها جراء حرب الاسناد، وعجزه عن مواجهةاستمرار الاعتداءات الاسرائيلية المتواصلة ضد عناصره ومواقعه، ومحاصرته داخليا،بخطة نزع سلاحه من كل المواقع، جنوب الليطاني وشماله، بموجب اتفاق وقف الاعمال العدائية بينه وبين اسرائيل العام الماضي والقرار 1701، وتبرؤ حلفائه اللبنانيين من كل الطوائف منه، وانضمامهم للدولة في خطتها لحصر السلاح بيدها وحدها، ومحاصرته بعزلة عربية شاملة، بعد سقوط نظام بشار الاسد وقيام دولة جديدة معادية لسياساته وارتكاباته ضد الشعب السوري ابان حكم الاسد الابن، وضعف النظام الايراني وعجزه عن تقديم الدعم المالي والعسكري كما كان في السابق، بعد تداعيات الحرب الاسرائيلية الاميركية ضده، ناهيك عن حالة العزلة العالمية شبه الشاملة ضده.
أراد الامين العام لحزب الله من خلال دعوته المملكة لفتح صفحة جديدة مع الحزب وتجاوز الماضي، الايحاء بأن الحزب مايزال لاعباً محلياً واقليمياً وبالحجم والقوة والامتداد السابق قبل الهزيمة التي تعرض لها جراء مغامرة حرب «الاسناد»، وبامكانه حجز موقع ومساحة مؤثرة في خارطة توزيع القوى الجديدة، بعد الضربة الاسرائيلية ضد قطر، متجاهلا ان مثل هذه الدعوة، لن تلقى التجاوب المطلوب، بسبب سلسلة العداوات التي راكمها الحزب ضد المملكة والدول العربية الاخرى،منذ نشأته وحتى الامس القريب، ولانها ليست بين دولة ودولة، ولا في موقعها الصحيح، ولا سيما بعد المتغيرات الاقليمية في موازين القوى، والتي ادت الى تراجع دراماتيكي في مكانته وموقعه بكل المقاييس واستنادا الى الوقائع المذكورة.