لقد تجاوزت المملكة العربية السعودية مرحلة الأتمتة في قطاعها الحكومي، لتنتقل إلى مرحلة إدماج الذكاء الاصطناعي الوكيلي (Agentic AI) في صميم عملية صنع القرار، وقد تجسد هذا التحول النوعي في إطلاق مؤسسة مبادرة مستقبل الاستثمار (FII)، اليوم، منصة (SAGE)، لتصبح أداة محورية في تصميم السياسات الحكومية واختبارها قبل تطبيقها فعليًا.
ويضع هذا الإطلاق – الذي جاء على هامش فعاليات النسخة التاسعة من مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار (FII 9) في الرياض – المملكة في طليعة الدول التي تستخدم القوة الحاسوبية السيادية، لتمكي صانعي القرار من الاستفادة القصوى من الابتكار التكنولوجي، وضمان أن تكون الخدمات العامة أكثر كفاءة وعدالة وتركيزًا على المواطن.
صناعة القرار بلا أخطاء.. التفاصيل التقنية للمنصة:
لقد طُورت منصة (SAGE) بالتعاون مع خبراء عالميين في الذكاء الاصطناعي، وتدمج المنصة تقنيات متقدمة، تشمل:
- محاكاة السياسات المدعومة بالذكاء الاصطناعي: تتيح تقنية الذكاء الاصطناعي الوكيلي للمنصة محاكاة تأثير السياسات المقترحة على الواقع الاجتماعي والاقتصادي قبل تطبيقها الفعلي، إذ يمكن للمنصة وضع نماذج للتأثيرات المحتملة للسياسات في قطاعات حيوية مثل: التعليم، والرعاية الصحية، والطاقة، والنقل، مما يسمح لصانعي السياسات برؤية النتائج المتوقعة وتعديل القرارات لتجنب العواقب غير المرغوبة، ومن ثم يقلل من مخاطر التنفيذ.
- القدرة الحاسوبية السيادية (sovereign compute): يؤكد إدماج القدرة الحاسوبية السيادية في المنصة أن البيانات الحكومية الحساسة والسياسات تُعالج وتُخزن محليًا بأعلى معايير الأمن، وتُعدّ هذه النقطة ذات أهمية قصوى للمملكة لضمان سيادة البيانات واستقلال القرارات، مما يجعل SAGE أداة موثوقة لحماية المصالح الوطنية أثناء الابتكار.
- البرامج المساعدة (Co-pilots) المتعددة اللغات: تتميز المنصة بوجود البرامج المساعدة المصممة خصوصًا لتناسب السياقات الوطنية المختلفة، مما يضمن أن تكون المنصة فعالة ومفهومة للموظفين الحكوميين محليًا وإقليميًا، وتسمح بإدماج الفروق الدقيقة في الأنظمة القانونية والإدارية المحلية.
وسيُمكن هذا المزيج الحكومات من وضع نماذج دقيقة للتأثير الاجتماعي والاقتصادي للسياسات المقترحة، ليصبح الابتكار في خدمة المواطنين أولًا.
متجر تطبيقات الحوكمة.. بؤرة الابتكار القطاعي:
تتميز المنصة أيضًا بأنها تضم (متجر تطبيقات الحوكمة) Governance App Store، الذي يُعدّ خطوة إستراتيجية نحو تعزيز التعاون الرقمي محليًا وإقليميًا.
وسيمكن هذا المتجر المفتوح المطورين المحليين، والشركات الناشئة، من إنشاء حلول برمجية معيارية لسياسات قطاعية محددة. مما يضمن تلبية احتياجات القطاعات الحكومية الحيوية مثل: التعليم والرعاية الصحية والطاقة والنقل، بأدوات مخصصة ومبتكرة، مدفوعة بجهود المجتمع التقني الأوسع.
الأهمية الاستراتيجية للمملكة:
يمثل إطلاق منصة (SAGE) خطوة عملية لترسيخ مكانة السعودية كمركز عالمي للابتكار في الحوكمة الذكية، فمن خلال تمكين صانعي السياسات من محاكاة نتائج قراراتهم قبل تنفيذها، يمكن رفع كفاءة الخدمات العامة، وتعزيز العدالة الاجتماعية، وتحقيق أكبر أثر اقتصادي واجتماعي.
كما يعكس الاستثمار في هذه التقنيات التزام المملكة بتطوير البنية التحتية الرقمية الوطنية وقيادة الثورة في مجال الذكاء الاصطناعي الوكيلي على المستوى الدولي.
المسار العالمي والمكانة الريادية:
من المقرر إطلاق النسخة التجريبية من منصة (SAGE) خلال قمة مجموعة العشرين (G20) في جوهانسبرغ يومي 22 و23 نوفمبر 2025، تليها جلسات تدريب عالمية، ووصولًا إلى إطلاق كامل خلال فعاليات النسخة العاشرة من مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار (FII 10) في 2026، مما يعكس إستراتيجية المملكة للتموضع المبكر كوجهة عالمية لتجربة الابتكار الحكومي الذكي.
إذ يرسخ إطلاق النسخة التجريبية المنصة لأول مرة خلال قمة مجموعة العشرين (G20) في عام 2025، مكانة المملكة كلاعب رئيسي في صياغة مستقبل الذكاء الاصطناعي على المستوى الدولي.
ويهدف هذا الجدول الزمني الطموح إلى وضع منصة (SAGE) كنموذج عالمي لكيفية استخدام الذكاء الاصطناعي لخدمة المصلحة العامة، مما يعكس رؤية المملكة لتكون رائدة في توظيف التكنولوجيا للحوكمة الرشيدة.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط
المصدر: البوابة العربية للأخبار التقنية
أخبار متعلقة :